مجتمع

العنف القبلي في النيل الأزرق.. بركان صغير قد تتسع فوهته

19 أكتوبر 2022
لا للقبلية.jpeg
احتجاجات مناهضة للقبلية والجهوية والعنصرية (أرشيف)
محمد حلفاويصحفي سوداني

يشعر حامد الذي يعيش في قرية تقع شمال محلية "ود الماحي" في إقليم النيل الأزرق بالقلق من أن بعض المجموعات القبلية قد تهاجم البلدة الصغيرة في أي وقت، ولذلك يرى أنه يتعين على السكان اليقظة للدفاع عن أنفسهم.

ناشط: حكومة النيل الأزرق عاجزة عن إيقاف العنف وعن حل الأزمة نهائيًا عبر المصالحة وعاجزة عن توسيع رقعة الأمن

وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة الشهر الماضي من أن النازحين في مخيمات داخل مدينة "الدمازين" يشعرون بفقدان الأمان جراء المخاوف من تجدد موجات العنف القبلي.

وتقدر الأمم المتحدة عدد النازحين بسبب موجات العنف في إقليم النيل الأزرق بأكثر من (80) ألف شخص، فيما قُتل نحو (142) شخصًا.

وهناك تباين في الروايات حول "جوهر الخلاف" الذي أدى إلى العنف القبلي بين مجموعات من "الفونج" و"الهوسا" منذ تموز/يوليو الماضي، فبينما يقول سكان محليون بالنيل الأزرق إن العنف بدأ على خلفية مقتل مزارع من "الفونج"، يقول آخرون إن السبب الأساسي هو إقدام "الهوسا" على إقامة إمارة جديدة في الولاية الواقعة جنوبي البلاد، وبالنسبة إلى بعض المجموعات تعد إمارة جديدة محل رفض.

ويحمّل الناشط في قضايا إقليم النيل الأزرق التوم جنجاري حكومة الإقليم مسؤولية تجدد أعمال العنف قبل أسبوعين التي أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وبدء حركة نزوح عالية من محلية "ود الماحي" وتحديدًا من القريتين (6) و(7) التابعتين إداريًا للمحلية - بدء حركة النزوح العالية نحو مدينة "الدمازين" عاصمة الإقليم.

https://t.me/ultrasudan

ويوضح جنجاري لـ"الترا سودان" كيف أن الصراع مثل كرة الثلج تتدحرج يوميًا لدرجة أن سكان الولاية يشعرون بأن العنف قد يندلع "في أي وقت من دون مقدمات".

ويبيّن جنجاري أن النزوح لم يتوقف من محلية "ود الماحي" إلى "الدمازين". ويشير إلى أن أغلبهم من قبيلة "الهوسا". ويقول إن حكومة الإقليم عاجزة عن فعل أي شيء حيال هذا العنف.

وبعد أكثر من ثلاثة شهور ما يزال إقليم النيل الأزرق يواجه شبح عودة العنف الأهلي في ظل شعور عام بين السكان بأن الحكومة المركزية لم تبذل جهودًا كافية لتوقيع مصالحة بين المجموعات القبلية.

وقال حامد وهو من سكان القرية (7) بمحلية "ود الماحي" لـ"الترا سودان" إن الوضع في القرى التابعة للمحلية وكأنها "فوق بركان مشتعل" قد ينفجر في أي لحظة.

مواطن: نشهد يوميًا حركة نزوح ويغادر الآلاف إلى سنار والدمازين والجزيرة والعاصمة للنجاة من المحرقة

وأضاف حامد: "نشهد يوميًا حركة نزوح، ونرى الآلاف يغادرون إلى سنار والدمازين والجزيرة والعاصمة مفضلين النجاة من هذه المحرقة".

في مدينة الدمازين عاصمة الإقليم ثمة انتشار للقوات المشتركة التي تضم الجيش والدعم السريع والشرطة تجوب الشوارع الرئيسية منذ تموز/يوليو الماضي، لكن هذه الإجراءات الأمنية تنخفض خارج المدينة على ما يقول سكان محليون.

ويشير الناشط في قضايا النيل الأزرق التوم جنجاري إلى أن القوات المشتركة غير مخولة بفض النزاعات إلى جانب البيروقراطية التي قال إنها تقيّد تحركاتها لإطفاء النزاعات أو هجمات مفاجئة للمجموعات القبلية.

وفي شاحنة قديمة وصلت إلى الدمازين، يقول حامد إنه ساعد جيرانه على شحن الأمتعة الخفيفة من قرية تقع في محلية "ود الماحي" لأنهم يودون النجاة من العنف جراء تصاعد القلق من تجدد العنف، خاصةً مع تأثير الإشاعات المتزايدة في المجتمعات.

وحامد ناشط طوعي يحاول أن يقلل من "آثار العنف" منذ ثلاثة أشهر ورغم أنه يشعر باليأس في بعض الأحيان إلا أنه يقول إن "السلام سيعم يومًا هذا الإقليم".

ويمثل التعايش السلمي في النيل الأزرق في هذا الوقت "نسبة ضئيلة" من الاهتمام بين المجموعات القبلية في هذا الإقليم في نظر حامد لأن الجميع يسألون "متى يتوقف هذا العنف" ولا شيء يلوح في الأفق رسميًا أو شعبيًا.

وبعيدًا عن السعي لتحقيق العدالة في الوقت الحالي، يقول الناشط التوم جنجاري إن الأولوية للوضع الأمني وبث الطمأنينة بين السكان من عدم تجدد العنف مرة أخرى.

في شوارع جنوب الخرطوم تشاهد عشرات الأطفال وهم يعملون في غسيل السيارات وتلميع الأحذية، وسأل مراسل "الترا سودان" أحد الأطفال عن كيفية وصولهم إلى العاصمة، فأجاب: "نصحتنا أمهاتنا بالفرار من العنف منذ الوهلة الأولى، ونقيم في مجموعات في أحياء تقع في أطراف العاصمة".

أثناء فرار عمر (16 عامًا) من منطقة "الروصيرص" في تموز/يوليو الماضي مع بداية موجات العنف في الإقليم قال إنه لم ينظر خلفه ليرى ما حدث، ترك والدته وشقيقاته في مخيم مؤقت بمدينة "الدمازين" وجاء إلى الخرطوم.

طبيب بمستشفى الدمازين: الوضع في الإقليم يُنذر بخطر شديد ويتوقع السكان المحليون عودة العنف في أي وقت

تعد "موجات العنف" في إقليم النيل الأزرق من "القضايا المنسية" بحسب الطبيب عمر شول الذي عالج مئات المصابين في مستشفى "الدمازين" في الشهور الماضية وعايش العنف في أرجاء المدينة.

ويرى هذا الطبيب في حديث لـ"الترا سودان" أن الوضع في الإقليم "يُنذر بخطر شديد"، قائلًا إن العنف لم يبتعد منذ ثلاثة أشهر ويتوقع السكان المحليون عودته في أي وقت. وأردف: "قد تتحول القضية إلى مسألة معقدة مع مرور الوقت وقد يصعب تداركها لاحقًا".

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert