العالم يدير ظهره للسودانيين والخطاب الشعبوي يدمر ما بقي من آمال
12 September 2023
لا يمكن للسوداني تجنب المعاناة أينما ذهب، بينما يمكن وصف أوضاعهم بأنها انحدرت إلى درجة "انعدام دولة تخمد معاناتهم". ومع ذلك تبدو الآمال معلقة بغد أفضل ما دامت الحيوات مستمرة.
يكتب التاريخ فصولًا من المآسي التي تواجه السودانيين في هذه الحرب فلا مجتمع دولي يشعر بمعاناتهم ولا حكومة تكترث بهم
في الاشتباكات المسلحة في مدينة "قوندر" في إقليم الأمهرا شمالي إثيوبيا، وجد منذر نفسه وحيدًا أمام مئات الأجانب من رعايا الدول المختلفة، عندما جرت عمليات الإجلاء إلى أديس أبابا عبر الطيران الداخلي في منتصف آب/أغسطس الماضي.
عشرة أيام قضاها منذر في غرفة فندق حبيسًا جراء اشتباكات مسلحة في بلد فر إليه من حرب تدور في بلده. لم يكن يدري ما سيفعله وهو يشاهد الجثث من النافذة إن قُدر له أن يبقى هناك شهورًا عديدة.
طلب الجندي الإثيوبي من الرعايا الأجانب المقرر إجلاؤهم في ذلك اليوم رفع جوازات السفر عاليًا حتى يتمكن من فرز رعايا كل دولة. مكث منذر في موقع الإجلاء نحو (10) ساعات حتى أقلته طائرة إلى أديس أبابا مقابل ثمانية آلاف بر إثيوبي.

كان الغرض من وجود منذر في إثيوبيا في ذلك الوقت عقب وصوله من ولاية القضارف السودانية هو الذهاب إلى السفارة السعودية في العاصمة أديس أبابا لإكمال إجراءات التأشيرة والسفر إلى الرياض لأن السفارة السعودية في السودان أغلقت أبوابها منذ نيسان/أبريل الماضي جراء الحرب المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
شاهد منذر المدرعات والقطع الحربية تشق طرقات مدينة "قوندر"، وشاهد جثث المقاتلين من المتمردين على الأرصفة، لم يكن يدري أن الحرب ستنتقل معه أينما ذهب، "ولكنها أفريقيا" – يقول هذا الشاب.
لم يجد منذر غايته في أديس أبابا، إذ سرعان ما أوقفت السفارة السعودية الإجراءات القنصلية، مع وصول مئات السودانيين بحثًا عن طريقة لإكمال إجراءات دخولهم إلى المملكة السعودية، فاضطروا إلى السفر إلى الهند وماليزيا وأوغندا، علهم يحصلون على غايتهم التي أضحت ضرورة قصوى بعد حرب نيسان/أبريل الماضي مع انعدام فرص العمل في السودان وتوقف الحياة العامة.
جملة التكلفة المالية لا تقل عن ألفي دولار لشخص ينتقل بين العواصم بحثًا عن تكملة إجراءات الدخول إلى المملكة العربية السعودية من دون إضافة تكاليف طلب التأشيرة العائلية وتذاكر الطيران.
لا تتوقف معاناة السودانيين عند هذا الحد، بل تمتد إلى تعثرهم في الحصول على تأشيرة دخول إلى مصر، البلاد التي تجاورهم شمالًا. صباح اليوم الثلاثاء عرضت ما تُعرف بـ"الموافقة الأمنية" بقيمة (1,200) دولار أمريكي للفرد حتى لا يضطر إلى المكوث شهورًا للحصول عليها.

رب أسرة رفقة عائلته في بورتسودان أصبح حصوله على التأشيرة الدخول إلى مصر حلمًا، وما بين نار سداد إيجارات السكن التي تجاوزت مليون جنيه شهريًا للشقة، وجحيم السوق الموازي للتأشيرة، دفع لمتعامل ألفي دولار حتى يتمكن من الحصول عليها خلال أسبوع واحد.
لم تتمكن وزارة الخارجية السودانية من تسريع تنفيذ وعود مصرية باستئناف اتفاق الحريات الأربع الذي جمدته مصر في حزيران/يونيو الماضي، حين تدفق عشرات الآلاف من السودانيين إلى أراضيها هربًا من جحيم المعارك مستغلين الحدود البرية بين البلدين الجارين.
ربما يكتب التاريخ فصول المآسي التي تواجه السودانيين في حرب نيسان/أبريل، فلا مجتمع دولي يشعر بمعاناتهم ولا حكومة تكترث بهم ولا طبقة سياسية تخطط للخروج من الأزمة بترك خلافاتها جانبًا نزولًا عند مناشدات الأمم المتحدة التي ناشدت حتى يئست من الأمر.
ما الذي تبقى من معاناة لم يمر بها السودانيون في حربهم للبقاء على قيد الحياة؟ منذ أربع سنوات طافت ثورتهم العالم، رفعوا شعار الحرية والسلام والعدالة حتى تخلوا عنه مؤقتًا طلبا للاستقرار بديلًا للحرب، ومع ذلك لم يروا من هذا العالم الكئيب سوى وجهه الكالح.
قد يكون "المطبخ السياسي" دون التطلعات، لكن ما يحدث للسودانيين على ما يبدو حصيلة سنوات من دبلوماسية البشير وإرث نظامه الأمني البغيض الذي وضع ألغامًا على طريق نمو السودان تنفجر الآن واحدًا تلو الأخرى.
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.