مجتمع

السودان.. قسوة النزوح تجبر المواطنين على التكيف مع الحرب

28 نوفمبر 2023
نازحون - نازحات - مركز إيواء.jpg
خصصت المدارس والمرافق العامة لإيواء النازحين في معظم الولايات الآمنة نسبيًا (Getty)
محمد حلفاويصحفي سوداني

تقترب الحرب بين الجيش والدعم السريع في السودان من شهرها الثامن، ويقول مواطنون في مناطق تشهد اشتباكات مسلحة بين الحين والآخر في العاصمة الخرطوم إن حياتهم تسير نحو الأسوأ.

مواطنة في أم درمان غربي الخرطوم لـ"الترا سودان": لم نعد نشعر بالأيام، جميعها أضحت متشابهة بعد الحرب

واندلعت الحرب بين الجيش والدعم السريع (قوات شبه عسكرية) في 15 نيسان/أبريل الماضي، وخلفت نحو (10) آلاف قتيل في صفوف المدنيين وفق موقع أمريكي لتحليل النزاعات، بالإضافة إلى نزوح (6.2) مليون شخص بينهم (1.2) مليون شخص عبروا الحدود إلى خارج السودان.

وتقول لمياء التي تقطن في أحد أحياء الثورات في أم درمان –وهي منطقة خاضعة لسيطرة الجيش– إن الحرب غيرت معالم الحياة لديهم، فلم تعد تذكر في كثير من الأحيان في أي يوم هي، هل الثلاثاء أم الأربعاء أم الخميس. "كل الأيام يشبه بعضها بعضًا" – تضيف هذه الفتاة التي كانت تعمل قبل الحرب في شركة بالعاصمة الخرطوم.

تقول لمياء إن عائلتها حين نوت الخروج من العاصمة الخرطوم صوب الولايات الأقل تأثرًا بالقتال لم تجد مفرًا من الإقامة في مركز إيواء في وضع إنساني حرج أو استئجار منزل بمليون جنيه سوداني شهريًا أي ما يعادل ألف دولار أمريكي. وتضيف لمياء لـ"الترا سودان: "قررنا البقاء هنا في منزلنا بأم درمان". "نشعر بأن قرارنا على قسوته أفضل من الذهاب نحو المجهول" – أردفت لمياء.

https://t.me/ultrasudan

اعتاد المواطنون في أحياء وسط مدينة أم درمان على أزيز الطائرات الحربية ودوي المدافع، فالأصوات هناك "لم تعد مصدر قلق" لهم، لكنهم يحاولون تجنب القذائف والصواريخ ما استطاعوا.

وفي بعض الأحيان يقضون أسبوعًا أو أكثر من دون كهرباء أو مياه. وكعادة السودانيين فإن التجمع في منزل أحد الجيران قد يوفر عناء البحث عن هذه الخدمات التي يشاركها الجميع مع بعضهم بعضًا وفق لمياء.

في الأسبوع الماضي وبعد تفكير، قررت عائلة سودانية العودة إلى منزلها جنوب العاصمة الخرطوم تاركةً ولاية كسلا شرقي السودان الأقل تأثرًا بالقتال بين الجيش والدعم السريع.

شابان يحملان دلوين من المياه في أحد أحياء الخرطوم
يجد معظم العالقين في مناطق الاشتباكات بالخرطوم صعوبات في توفير المياه والطعام (Getty)

يقول معز الذي عاد رفقة عائلته إلى حي الكلاكلة جنوب الخرطوم في حديث إلى "الترا سودان" إنهم أصبحوا جزءًا من "يوميات الحرب"، ولم يعد لديهم القدرة على تحمل نفقات البقاء في الولايات؛ فقررت عائلته، بعد التنقل بين أكثر من ثلاث ولايات شرقي البلاد، العودة إلى منزلهم بالخرطوم.

بإمكان هذه العائلة أن تحصل على بعض الدقيق والسكر من سوق صغير يقع على بعد ثلاثة كيلومترات، مع وقوع هذا السوق تحت سيطرة الدعم السريع يقاوم المواطنون الخوف ويتشبثون بالأمل في أن العيش في منطقة حرب قد يكون ممكنًا.

تقول الباحثة الاجتماعية عزة حسن لـ"الترا سودان" إن المجتمع السوداني غير معتاد على البقاء من دون أمل. وتوضح أن مواطني الخرطوم الذين نزحوا إلى الولايات كانوا يأملون في توقف الحرب خلال أسبوع أو شهر، ومع استمرارها ثمانية أشهر، سيطرت عليهم الرغبة في العودة إلى منازلهم "مهما كان الثمن" – بتحليل عزة.

تقول هذه الباحثة عن الذين عادوا إلى منازلهم في مناطق الاشتباكات إنهم يحاولن "طرد الخوف" من قلوبهم، لافتةً إلى أن "هذا الشعور أفضل من الشعور بالعجز عن سداد الإيجار أو تحمل تكلفة العيش في الولايات، خاصةً من اضطروا إلى الإيجار بمبالغ كبيرة". وأردفت الباحثة الاجتماعية: "البقاء في منطقة حرب على خطورته –على من يودون العودة إلى منازلهم بالخرطوم أو أولئك الذين عادوا بالفعل– أفضل من البقاء بعيدًا عن المنزل وفي ظروف قاسية".

ونزح نحو (6.2) مليون شخص من منازلهم خلال حرب السودان، منهم (1.2) مليون شخص عبر الحدود إلى دول أخرى، في حين تبلغ نسبة النازحين من الخرطوم (69%) من إجمالي النازحين. ومع استمرار الحرب، يتضاءل الأمل لدى ملايين السودانيين في العودة إلى منازلهم.

وتتوقع الباحثة الاجتماعية عزة حسن أن يكيّف السودانيون حياتهم وفق ظروف الحرب في حال لم تتوقف قريبًا وشعروا بطول أمدها. "قد لا يعود بعضهم إلى منزله ومنطقته التي تركها، لكن أغلبهم قد يعود للبقاء في المنزل والتكيف مع الحرب" – حسب ما تقول عزة.

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert