مجتمع

السودان.. حاضر مرير ومستقبل معتم

11 يوليو 2023
الخرطوم (8).jpg
المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دمرت العديد من الأسواق والبنية التحتية فيما انتشرت أعمال النهب (Getty)
تسنيم خوجلي
تسنيم خوجليكاتبة وصحفية من السودان

بتنهيدة يشوبها الحزن والقلق، ونبرة لم تخل من الحسرة واليأس افتتح المواطن هشام محمد لـ"الترا سودان" حديثه بالحمد لله، بعد أن تعرض منزله لعملية نهب وتخريب أحالته إلى خراب من قبل ما قال إنها "مليشيات الدعم السريع" بحسب شهادات أهالي المنطقة، حيث أوضح هشام أنه غادر منزله بعد (13) يومًا من اندلاع الحرب بالعاصمة الخرطوم في منتصف نيسان/أبريل الماضي، معلنة بذلك بداية المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والتي راح ضحيتها مئات المواطنين كما أفاد مراقبون.

وأوضح أن الحادثة التي تعرض لها منزله بمدينة بحري تحديدًا بحي الصافية لم تكن فريدة من نوعها، حيث وجدت منازل الجيران أيضًا من يعبث بها ليتركها منازل خاوية إلا من بعض المقتنيات الرخيصة المبعثرة هنا وهناك، بجانب ذكريات ساكنيها التي لا تقدر بثمن.

لاجئ: بعض اللاجئين السودانيين في دولة مصر يعانون من أوضاع معيشية صعبة

هشام والذي كان ضمن ما يقارب الـ (200) ألف سوداني ممن لجؤوا إلى دولة مصر العربية أوضح أنه وبعد أن تم تسريحه من قبل الشركة التي كان يعمل بها هو وآلاف الموظفين أصبح يواجه الآن حاضرًا يصعب عليه التعامل معه، ومستقبلًا يخاف حتى من مجرد التفكير فيه، مشيرًا إلى أن جميع محاولاته  في العثور على وظيفة تتناسب وإمكانياته المهنية  باءت بالفشل، رغم أنه يمتلك خبرة جيدة تحصل عليها بعد تراكم سنوات من العمل في مختلف الأدوار بمجال الموارد البشرية في عدد من المؤسسات العملاقة بالبلاد، آخرها كانت مؤسسة حجار والتي أعلنت انسحابها من السوق السوداني نتيجة لاحتدام الصراع في الخرطوم وتوقف نشاطها قسريًا كغيرها من المؤسسات.

أوضاع صعبة

يقول هشام إن بعض اللاجئين السودانيين في دولة مصر يعانون من أوضاع معيشية صعبة، حيث اتخذ عدد منهم من الطرقات مأوى له بعد ارتفاع أسعار الإيجارات في انتظار صرف بطاقة فوري للاجئين، والتي تدعم كل لاجئ بمبلغ (450) جنيهًا مصريًا أي ما يعادل (50) دولارًا تقريبًا مقدمة من برنامج الأغذية العالمي شهريًا.

وأوضح أن السودانيين بمصر يصطفون أمام صرافات فوري بشكل ملفت للنظر،  ليتمكنوا من صرف المساعدات التي ربما تعينهم على شؤون الحياة، الأمر الذي جعله يشعر بحزن عميق على أبناء شعبه ومآلات الحياة التي دفعتهم  لانتظار المساعدات الإنسانية من برنامج الأغذية العالمي، بينما هم أبناء البلد الذي يطلق عليه "سلة غذاء العالم".

لجأ عشرات الآلاف من السودانيين إلى دولة مصر عقب اندلاع الحرب (Getty)
لجأ عشرات الآلاف من السودانيين إلى دولة مصر عقب اندلاع الحرب وشهدت المعابر الحدودية تكدسًا للمواطنين الفارين من الحرب (Getty)

فيما أكد هشام أن هناك بعض النساء السودانيات حاولن أن يمارسن نشاطهن كبائعات شاي على غرار ما جرت عليه العادة في سائر شوارع السودان وخصوصًا الطرق المزدحمة منه، ولكن البلدية لم تسمح لهن بممارسة هذا النشاط على الأراضي المصرية، مما جعلهن يواجهن ظروف اقتصادية طاحنة، ويعزي هشام ذلك إلى ما سماه "عدم التخطيط الجيد للحياة في مصر" إضافة إلى غياب معرفة الناس ببعض الأمور.

خطوات متعثرة

منذ اندلاع الثورة السودانية التي أطاحت بنظام البشير يمشي النظام التعليمي في السودان بخطى  متعثرة، حيث تغيرت المواقيت الرسمية المتعارف عليها  لبداية ونهاية العام الدراسي لكل المراحل التعليمية بحسب ما قال الطالب علي الأمين لـ"الترا سودان"، والذي يدرس بالسنة الأخيرة بكلية الهندسة، مضيفًا  أنه دخل إلى الكلية في العام (2016) ولم يتخرج منها حتى الآن، ومع اندلاع الحرب في السودان أصبح حلم التخرج والعودة إلى مقاعد الدراسة صعب المنال.

فيما يرى علي أن الحلول التي أطلقتها بعض الجامعات لطلابها في مواصلة الدراسة من على بعد تبدو مستحيلة في الوضع الراهن، وذلك  في ظل تردي خدمات الإنترنت في مختلف بقاع السودان مع صعوبة توفير الأجهزة للطلاب الذين نزح بعضهم إلى المناطق الآمنة بملابسهم فقط، ناهيك عن منصرفات باقات الإنترنت والتي ستكون باهظة الثمن على البعض حتى في حال استقراره، مؤكدًا أن عودة الدراسة واستقرارها مرهون فقط بانتهاء الحرب الدائرة في ولاية الخرطوم وبعض ولايات غرب السودان، الأمر الذي يجعل من موعد عودة الدراسة بشكل كامل في المناطق المتضررة بالحرب غير معلوم، فيما يقف بذلك مستقبل ملايين الطلاب على حافة الهاوية.

ويرى علي أن ولاية الخرطوم هي الأولى من حيث عدد الطلاب وعدد المؤسسات التعليمية حكومية كانت أو خاصة، مما ينذر بوجود خطر كبير على مستقبل التعليم بالبلاد، خاصة بعد تعرض بعد الجامعات لعمليات نهب وسلب وتخريب واسعة، فيما تتوالى الأنباء عن احتماء مجموعات من أفراد الدعم السريع بمباني الجامعات مما يجعلها عرضة للغارات الجوية.

نهاية غير متوقعةً

يقول محمد النور والذي كان يمتلك متجرًا لبيع إكسسوارات وملحقات الهواتف النقالة بحي الشهداء بأم درمان، إن متجره كان من ضمن المتاجر التي تعرضت للسرقة والتخريب، ويأتي ذلك  بعد مرور سبع سنوات على تأسيس هذا المتجر، حيث كان النور يسافر إلى مصر تارة وإلى الإمارات تارة أخرى لتأمين البضاعة، واصفًا ما حدث لمتجره بـ"النهاية غير المتوقعة".

وأضاف النور أنه حتى وإن عادت الأمور إلى نصابها بالخرطوم سيواجه تحديًا كبيرًا، ويكمن هذا التحدي في صعوبة البدء من الصفر والمشي على طريق كان  قد قطعه منذ سنوات طويلة في عمر مبكر، واصفًا الأمر بأنه ربما سيكون القشة التي قصمت ظهر البعير، والتي ستجعله يغادر البلاد للبحث عن بدايات جديدة ربما تكون مختصرة تتناسب وإمكانياته في مكان آخر.

يعاني إنسان السودان منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي من الحرب وتبعاتها التي قضت على الكثير من ذكريات الماضي وآمال الحاضر وأمنيات المستقبل

والجدير بالذكر أن عددًا كبيرًا من الأسواق والمحال التجارية بالعاصمة الخرطوم قد تم نهبها وتدميرها بالكامل بحسب شهود عيان وتقارير صحفية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على اقتصاد البلاد، ويرى محللون أن السودان سيحتاج سنوات  طويلة للتعافي من آثار الحرب.

ويعاني إنسان السودان منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي من الحرب وتبعاتها التي قضت على الكثير من ذكريات الماضي وآمال الحاضر وأمنيات المستقبل، ليجد المواطن السوداني نفسه تائهًا في دهاليز نفق مظلم بلا ضوء أو حتى نهاية.

https://t.me/ultrasudan

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert