الدعم السريع.. القتل والترويع لأجل اتفاق
13 فبراير 2025
يقول صن تزو في كتابه الأيقوني (فن الحرب): إن أعظم النصر هو الذي لا يحتاج إلى معركة. إذا كان عدوك آمنًا في جميع النقاط، فكن مستعدًا له. إذا كان يتمتع بقوة أكبر، فتهرب منه. إذا كان خصمك متقلب المزاج، فحاول إغضابه. وربما هذا ما دفع قادة القوات المسلحة السودانية، الضباط المحترفين الذين تخرجوا من الكلية الحربية ودرسوا التكتيك الحربي وخبروا الحروب منذ وقت طويل، أن يقلبوا دفة المعركة عقب مرحلة طويلة كان الجيش فيها يعمل على امتصاص الصدمة ولملمة أطرافه استعدادًا لمعركة التحرير والهجوم.
استهدف الدعم السريع بالقصف العديد من الأعيان المدنية، بدءًا بمحطات التوليد الكهربائي في المناطق الآمنة أو التي تم تحريرها، والأسواق، ومؤخرًا قصف سوق صابرين بأم درمان مما نجم عنه استشهاد أكثر من 60 مواطنًا وعشرات الجرحى
هذه المرحلة الجديدة في سيرورة حرب 15 أبريل بدأت حين أخذت القوات المسلحة زمام المبادرة بالهجوم، بعد أن كانت تكتفي بالدفاع فقط عن فرقها وحامياتها، وتحاول ترتيب رقعة الشطرنج، وإعداد العدة لتحرير المناطق والفرق العسكرية التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب.
رغم انتصارات الجيش في الفترة الأخيرة في العديد من الجبهات والمحاور وتحريره للكثير من المدن والمناطق، حيث تم تحرير محلية بحري، وفك الحصار عن القيادة العامة، وتحرير مدن "مدني، سنجة، الدندر، سنار، جبل موية، الحصاحيصا، رفاعة، الهلالية، تمبول، الكاملين، المسيد" وعشرات القرى، وانهيار قوات الدعم السريع في جبهات ومحاور قتالية متعددة وتعرضه لهزائم متوالية، إلا أنها لجأت إلى أسلوب يجعل من تحرير الجيش وانتصاراته في هذه المناطق دون طعم للمواطن. فقد استهدف الدعم السريع بالقصف العديد من الأعيان المدنية، بدءًا بمحطات التوليد الكهربائي في المناطق الآمنة أو التي تم تحريرها، والأسواق، ومؤخرًا قصف سوق صابرين بأم درمان مما نجم عنه استشهاد أكثر من 60 مواطنًا وعشرات الجرحى، ثم استهدف محطة شاحنات في الأبيض والتي اشتعل فيها حريق نجم عنه العديد من الوفيات والجرحى، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية في كل الأهداف التي نالت منها مدافع أو مسيرات المليشيا.
يعتبر استهداف البنية التحتية والمواطنين العُزل والمدنيين جرائم حرب تجعل الدعم السريع في مصاف المنظمات الإرهابية التي تزعزع السلم والأمن وتستهدف المدنيين ومراكز الخدمات.
يتطلب القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، من الأطراف المتحاربة انتشال الجرحى والمرضى ورعايتهم. تتمتع سيارات الإسعاف، كما المستشفيات، بحماية خاصة، ولا يجوز استهدافها في حال كانت تُستخدم لتقديم الرعاية الطبية من أي نوع، بما في ذلك علاج مقاتلي العدو. ينبغي السماح لسيارات الإسعاف ووسائل النقل الطبية الأخرى بالعمل وحمايتها في جميع الظروف. وقد استهدف الدعم السريع كافة المرافق التي تقدم خدمات طبية للمواطنين؛ آخرها كان المستشفى السعودي بالفاشر، والذي استهدفته قوات الدعم السريع بالقصف للمرة العاشرة منذ بدء حربها على مدينة الفاشر وحصارها.
جرائم حرب للوصول إلى اتفاق
يبدو أن اليأس من تحقيق سيطرة عسكرية في ميدان القتال هو ما يدفع الدعم السريع الآن إلى ارتكاب جرائم حرب تجعل من الحياة شبه مستحيلة حتى لو حرر الجيش المدن والمناطق التي تحت سيطرة المليشيا. وهذه الأفعال اليائسة والجرائم المتعمدة تأتي كمحاولة لدفع قادة الدولة والجيش للرضوخ والجلوس إلى التفاوض عاجلًا قبل أن يفقد الدعم السريع ما يستطيع التفاوض حوله من موقع قوة؛ فرقعة سيطرة الدعم السريع العسكرية جغرافيًا آخذة في الاضمحلال يومًا بعد يوم، بينما تتقدم قوات الجيش وتستعيد المدن والمناطق والقرى، وتبدو في أفضل حالاتها.
لكن إلى متى يمكن الاستمرار في تدمير البنية التحتية واستهداف مراكز الخدمات والأعيان المدنية بالقصف واستهداف المدنيين؟ وهل يمكن اعتبار هذه الخطة اليائسة فعالة لجعل الدولة تستجيب للتفاوض عبر هذه الضغوط؟
هذه الأسئلة يمكن الإجابة عليها من واقع المعارك التي استمرت منذ الخامس عشر من أبريل 2023، فقد باءت كل الجهود الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق ينهي الحرب بالفشل، وذلك لعدة أسباب ربما أهمها أن التفاوض في الفترة الأولى للحرب كان سيمنح الدعم السريع أفضلية من واقع سيطرته العسكرية على مساحة واسعة من العاصمة القومية، وسقوط مواقع عسكرية واستراتيجية في يده. لذلك لم تنظر الدولة في نداءات التفاوض، وحتى اتفاق جدة الإطاري لم يتم تنفيذه من قبل الدعم السريع، الذي لم يُخلِ الأعيان المدنية وبيوت المواطنين، ولذلك تعثرت خطوات المضي قدمًا في أي اتفاق لاحق خلافًا للهُدن القليلة التي جاءت في بداية الحرب لفتح ممرات إنسانية لخروج المواطنين من المناطق المشتعلة بالعاصمة الخرطوم، وإجلاء الجاليات الأجنبية والدبلوماسية.
كان واضحًا منذ بدء الحرب أن الغلبة والتفوق في الأخير سيكون للقوات المسلحة السودانية، والتي ربما لم تكُ جاهزة لهذه الحرب في البداية، خاصة مع قوات رديفة كانت بمثابة القوات البرية لها. لذلك غاب سلاح المشاة عن المعركة في البداية. مرد الثقة في تفوق القوات المسلحة أنها تعتمد على 40 مليون نسمة في الاستنفار، بينما تعتمد قوات الدعم السريع على مكون اجتماعي واحد أو اثنين.
الاستنفار الشعبي والتعبئة العامة التي أعلنها القائد العام للقوات المسلحة وتدافع كثير من السودانيين للانخراط في صفوف الجيش، إضافة إلى القوات المساندة للجيش التي انضمت مؤخرًا "القوات المشتركة ودرع السودان" مع تسليح نوعي جديد، هذا كله أدى إلى تفوق عسكري واضح باتت بموجبه قوات الدعم السريع الموجودة بالخرطوم وبعض الأجزاء بولاية الجزيرة مُهددة ولن تستمر سيطرتها طويلًا على تلك المناطق.
استهداف المناطق الآمنة ومراكز الخدمات بالقصف المدفعي والتدمير من بعيد، الذي اعتمدته قوات الدعم السريع كتكتيك مضاد للانتصارات المتتالية للقوات المسلحة، يبدو لوهلة كأنه حملة انتقامية، لكن بعد التمعن وتكرار الهجمات التي تتم على مواقع متشابهة في الكثير من المناطق، يظهر في سمته الحقيقي بأنه محاولة من هذه القوات لجعل الحياة مستحيلة للسودانيين دون الوصول إلى اتفاق معها
استهداف المناطق الآمنة ومراكز الخدمات بالقصف المدفعي والتدمير من بعيد، الذي اعتمدته قوات الدعم السريع كتكتيك مضاد للانتصارات المتتالية للقوات المسلحة، يبدو لوهلة كأنه حملة انتقامية، لكن بعد التمعن وتكرار الهجمات التي تتم على مواقع متشابهة في الكثير من المناطق، يظهر في سمته الحقيقي بأنه محاولة من هذه القوات لجعل الحياة مستحيلة للسودانيين دون الوصول إلى اتفاق معها. فحتى بعد تحرير المدن والقرى والمناطق، ستكون عُرضة للقصف بالمدافع والمسيرات والراجمات لبث الهلع والرعب في نفوس المواطنين، الذين حلموا بالأمن كثيرًا منذ فجر الخامس عشر من أبريل ذاك الذي غيَّر حياتهم إلى الأبد.
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.