الدروس السيئة للثورة السودانية
27 أكتوبر 2019
ما الذي نتعلمه اليوم وكل يوم من أحداث الثورة السودانية ومآلاتها الجارية الآن أمام أعيننا؟ هل كان شعار الثوار "حرية.. سلام.. وعدالة" فارغًا ويستحيل تطبيقه؟ إن الدروس التي يمكننا الخروج بها من أحداث الثورة كثيرة ومتنوعة، مرضية للمتفائلين والمتشائمين معًا، إلا أن هناك دروسًا أخرى "هدَّامة"، تبذر بذرة تقويض ما يمكن أن تنجزه أي ثورة، وتمهد الطريق لإعادة إنتاج الدولة الدولة السودانية عدوة مواطنيها، التي ابتلينا بها في الخمسة وستين عامًا الماضية.
ما يصدِّره التهاون تجاه جرائم البشير ونظامه، لهو مدعاة للمغامرين لتجريب حظوظهم لاحقًا، مثلما جرَّب هو وحزبه
الدرس الأول: اسرق.. اقتل.. فأنت آمن!
بعد ثلاثين عامًا من الاستنزاف الضاري لثروات السودان، ترافقه سلسلة لا تنتهي من انتهاك إنسانية مواطنيه وقتلهم لأسباب تافهة؛ وجد إسلاميو السودان أنفسهم خارج السلطة، لكن ما حصلوه من ثروة وما سفكوه من دماء؛ لم تقترب منه يد العدالة حتى الآن ولا يلوح في الأفق- في ظل التسوية الحالية- أمل في أن يدفعوا ثمنه قريبًا، بعد التضحية ذات الطابع الدعائي ببعض رموزهم الذين يقبعون الآن في السجون، بطريقة غامضة ولأسباب غير واضحة. بل حتى رأس النظام الذي تعرض للمحاكمة، وجهت إليه تهمًا طريفة عند قياسها بحجم جرمه، فهو يحاكم بتهم الفساد وحيازة النقد الأجنبي والثراء الحرام! وليس تقويض الدستور، أو جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أو حتى الخيانة العظمى.
اقرأ/ي أيضًا: السلام الشامل.. بوابة الخروج من الدائرة الجهنمية
ما يصدِّره التهاون تجاه جرائم البشير ونظامه، لهو مدعاة للمغامرين لتجريب حظوظهم لاحقًا، مثلما جرَّب هو وحزبه. يمكنهم الانقلاب على الدستور، وقتل كل من يقف في طريقهم، والسرقة العلنية وبيع كل شيء؛ ففي أسوأ الحالات عند إزاحتهم من السلطة لن يجدوا عقابًا يوازي ما ارتكبوه، وسيظلون ينعمون بما جنوه من سنوات مغامرتهم تلك.
الدرس الثاني: غامر وحطِّم الدولة
لا داعي للاجتهاد والعمل، يكفي أن تجمع عددًا مناسبًا من المرتزقة وتصنع مليشيا تقتل وتنهب في الأطراف بعيدًا عن القبضة المرتخية للدولة، ثم تستولي على منجم للذهب تستغله في زيادة عددك وعتادك، وإن خدمك الحظ فوجدت دكتاتورًا يغطيك بمظلة الحماية لتنجز نيابة عنه أعماله القذرة، أو عثر عليك النخاس الأوروبي الخائف من زحف الفقراء إليه عبر المياه، فتصبح حارس الحدود الخفي لديه؛ يكفي هذا لتجد نفسك بين عشية وضحاها "رجل دولة" يأمر وينهى ويطمع في الحكم المطلق لأرض منكوبة بصغار النفوس، ممن لا يجدون حرجًا في تسليم عنق بلادهم لسفَّاح ليس لديه مؤهل سوى سلاحه وضمير لا يرف جفنه إن أراد قتل العزل والأطفال.
صعود حميدتي السريع، وحملات تلميع اسمه وحشره في قالب "المخلِّص" برعاية دولية وبرضا داخلي من نخب تضع يدها في يده التي تسيل دمًا دون حرج، هو درس سيئ آخر يخبر الجميع أن عصر المغامرين لم ينته، وهو مفتوح لكل من أراد أن يجرب حظه لتكون جائزته الكبرى بلدًا كاملًا بما فيه ومن فيه، ينسى له الجميع أو يتناسى له ما فعله للوصول إلى ما هو فيه، إن كان خوفًا أو طمعًا، فطالما كان سلاحك بيدك فلن يدعوك أحدٌ مجرمًا، ناهيك عن أن يأتيك العقاب.
الدرس الثالث: لا تمت من أجل وطنك
إن هاجم أهالي بلدة تلودي معامل الذهب التي تقتلهم بالسيانيد، فهذا أمر جلل يستدعي بيانًا عاجلًا من مجلس السيادة واجتماعات مع قوى الحرية والتغيير، بل يتم وصفهم بالتخريب، لكن تقديم الجناة المسؤولين عن مئات الشهداء ضحايا قناصة نظام البشير وضحايا مذبحة فض اعتصام القيادة العامة، ليس أمرًا عاجلًا حقًا! من قبل في سبتمبر 2013، كان المبرر الأخلاقي لقتل أطفال المدارس هو أنهم مخربون، بدليل إحراق محطات الوقود! أي أن الوقود أهم من أرواح أطفال السودان، مثلما الذهب أهم من أرواحهم اليوم وغدًا.
اقرأ/ي أيضًا: عن وجوه السودان الأخرى
يصعب إحصاء ضحايا العنف المفرط للدولة في السودان منذ استقلاله وحتى اليوم، لكن التجلي الأسوأ لهذا العنف شهده السودان منذ 1989 وحتى 2019، حتى صار إطلاق الرصاص الحي على أي تظاهرة أمرًا عاديًا، سيموت بالتأكيد البعض في أي تظاهرات تخرج على النظام في أي مكان في السودان، ومهما كان سبب التظاهرة، سواء أكان مَطالبَ بشعارات سياسية، أم مطالب اقتصادية كالخبز والوقود، أو حتى رفض مواطنين نزع أراضيهم لمنحها مجانًا "لمستثمر" دفع ثمن حصوله عليها خارج خزانة الدولة.
من دون عقاب على الجرائم يزيل ما تأسس في النظام الأخلاقي والقيمي للمجتمعات، قد تعود العجلة الشريرة للدوران مرة أخرى
حين نرى شبابًا يموتون من أجل حلمهم بوطن يُحترم فيه الإنسان وتُقدس فيه حياته، ثم نرى قاتلهم يتوَّج بطلًا وهو يسير موزعاً الرشاوى الاجتماعية مستغلًا الجوع القاسي للتنمية في بلد لا يسير فيه شيء، دون أن ترتفع الاعتراضات عليه لتتحول إلى تيار، بل يطفئها "العقلانيون الواقعيون" بمبررات براغماتية تجد صداها خارج أسوار النخبة؛ عندها نتعلم الدرس السيئ: لا تمت من أجل وطنك، فدمك مهدر بالتأكيد.
من دون عقاب على الجرائم يزيل ما تأسس في النظام الأخلاقي والقيمي للمجتمعات، قد تعود العجلة الشريرة للدوران مرة أخرى، فالثورة التي لا تعمل على ضمان المستقبل بترسيخ أفكارها في الشارع، والمدارس، وفلوات الريف المنسية؛ ستنتصر في جولة فقط، لكنها لن تربح اللعبة، طالما خط تموين الخصم يكمن بعيدًا عن متناول يدها.
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.