"التمباك".. هاوية سودانية آخرى
19 أغسطس 2015
"التمباك"، "الصعوط"، "السفة" جميعها أسماء تطلق على مادة داكنة اللون يتعاطاها بعض السودانيين كتبغ شعبي منتشر في منطقتهم وذلك عبر وضع هذه الخلطة من التبغ بين الخد واللثة. ويظن أغلب من يتعاطى "التمباك" أنه يساهم في تحسين المزاج.
وعرفت السنوات الأخيرة تطورا في استهلاك الشباب والمراهقين لمادة "التمباك" إذ تثبت الإحصائيات الرسمية أن 25 % من المراهقين يتعاطونه رغم تحذيرات وزارة الصحة السودانية، وما يشاع عن تسببه في أمراض خطيرة كالسرطان. كما ينتشر استهلاك التمباك بين الطالبات مؤخرا بعد أن كان حكرًا على النساء المتقدمات في السن.
25 % من المراهقين في السودان يتعاطون "التمباك" رغم تحذيرات وزارة الصحة
يفسر استشراء "التمباك" في الأوساط الشبابية بالضغوط النفسية التي يتعرض لها الشباب وتردي الأوضاع الاقتصادية أو بالرغبة في الاستكشاف والتجربة، حسب رواية البعض من متعاطيه. وتقول تقوى، أستاذة علم نفس تربوي، لـ"الترا صوت"، إن"المحاكاة وتقليد الكبار من أهم أسباب تعاطي "التمباك" من قبل الشباب السوداني إضافة إلى ما يروج عن كونه يعدل المزاج ويحسن الحالة النفسية ويقلل الضغوط خاصة أيام الامتحانات".
يزرع "التمباك" أساسًا في إقليم دارفور، غربي السودان، لملاءمة طقسه لنمو النبتة. ونبات التنباك أخضر اللون بإرتفاع متر عن الأرض ولا يحتاج ريًا دائمًا كما أن مزارعه لا تحتاج إلى مراقبة أو متابعة لأن الحشرات والآفات الزراعية والحيوانات لا تفتك بالنبتة ولا تقترب منها عادة. يقوم مزارعون مختصون في هذا المجال بحصاد النبتة ويتبعون إجراءات سلامة خاصة لتجنب الإصابة بحروق جلدية أو التهابات في الأنف والعيون.
في حديث لـ"الترا صوت" مع عدد من شباب إقليم دارفور، الموطن الرئيسي للـ"تمباك"، أكدوا أن قلة من أبناء الإقليم يتعاطونه رغم أنه يزرع بأراضيهم وأن أغلب مستهلكيه من الشمال السوداني، وعلّقوا "زارع "التمباك" لا يتعاطاه وكل من يرى طريقة تحضيره لا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما كان السبب أن يكون من المقبلين عليه".
بعد الحصاد، توضع أوراق شجرة "التمباك" في مكان جيد التهوية بعيدا عن أشعة الشمس وتوضع فوقها طبقة من أوراق نبات "العشر"، وفوقها طبقة من الروث، ثم طبقة أخرى من أوراق "العشر"، ويرش بالماء رشا خفيفا على مدار ثلاثة أيام. يقوم الأطفال بحركات دائرية على الكومة ليستحلب الماء المخزون في الروث على أوراق التبغ، ثم يعرض لأشعة الشمس حتى يجف ويصدّر للتجار الذين يضيفون مواد في عملية تسمى "التمطير" حتى تصبح الأوراق عجينة سوداء داكنة تباع للمستهلكين.
تشير دراسات غير رسمية إلى أن أكثر من 6 ملايين سوداني يدمنون "التمباك"
وعن تأثير "التمباك" على صحة مستهلكيه، تقول نجلاء قسم السيد، طبيبة محاضرة في جامعة الجزيرة، لـ"الترا صوت" إنه "يتسبب في تأثيرات ضارة على الفم، ومن الممكن أن يؤدي إلى مرض سرطان الفم بسبب احتوائه مواد النيكوتين والعطرون".
ويضيف صدق حمدين، طالب طب رسالته عن تأثير "التمباك" على اللثة، "أن عديد الأبحاث أثبتت أن نسبة السرطان بين المتعاطين أكبر من بين غير المتعاطين كما أن لـ"التمباك" دور واضح في اصفرار الأسنان وانحسار اللثة ما يؤدي إلى سقوط الأسنان غالبا".
وللتمباك أيضا تأثيرات سلبية على الجهاز الهضمي والأعصاب واضطرابات القلب وارتفاع ضغط الدم ويصعب التخلي عنه بعد تناوله لفترات طويلة، وتشير دراسات غير رسمية إلى أن أكثر من 6 ملايين سوداني يدمنون "التمباك".
ويلزم قانون الصحة العامة لعام 1999 ولائحة الصحة العامة المعتمدة سنة 2000 تجار "التمباك" بكتابة عبارة "التمباك ضار بالصحة ويسبب السرطان"، وذلك في مكان بارز في المحلات وعلى العبوات كذلك. وتقول أحلام عبد الله، المختصة في القانون، لـ"الترا صوت" "إن عديد القوانين قد وضعت في هذا الإطار لمنع تعاطي "التمباك" في الأماكن العامة ومنع بيعه لمن سنه تحت 18 عاما".
لكن المتابع للشأن العام السوداني والملاحظ لانتشار استهلاك هذه المادة في صفوف الشباب خاصة والمجتمع السوداني بصفة عامة، يتبين غياب أي مجهودات من قبل الحكومة أو منظمات المجتمع المدني لمكافحة الظاهرة والتوعية من مخاطرها، رغم مصادقة السودان على الاتفاقية التابعة للأمم المتحدة لمكافحة التبغ سنة 2005.
اقرأ/ي أيضًا:
صراع السودانيات لأجل الحقوق الأساسيّة.. خطوة للأمام وخطوتان للخلف
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.