مجتمع

البقاء أم العودة.. أسئلة تحاصر السودانيين

29 أبريل 2024
مواطنون سودانيون يحملون حاجياتهم وهم في طريق النزوح من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة.jpg
ما تزال حركة النزوح مستمرة في السودان (غيتي)
محمد حلفاويصحفي سوداني

في الأسابيع الأولى من الحرب التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع، كانت الإجابة على سؤال أماني، وهي سيدة غادرت شمال الخرطوم إلى مدينة بورتسودان بسبب المعارك العسكرية، حول موعد العودة إلى الديار أو المنزل سهلة، وربما تتلخص في بضع كلمات: "قربنا شديد".

"بتقيف متين" سؤال متداول بين السودانيين

مع مرور الوقت ودخول الحرب في عامها الثاني منذ منتصف نيسان/أبريل الجاري، الأجابة على سؤال موعد إنهاء الحرب غير متوفرة، وأحيانًا يتنبأ متشائمون باستمرارها  خمسة أعوام وأحيانًا عامين وبينهما تحدث الحرب أمور قد تكون "هندسة اجتماعية جديدة" في البلاد.

تقول أماني لـ"الترا سودان" إن "الحرب أحدثت تحولًا كبيرًا في حياتها.. تجد نفسك في مكان لم تقصده من قبل، والبقاء فيه إلى وقت غير معروف بالنسبة إليك، لأن قرار وقف الحرب ليس بيدك".

تستغرق هذه السيدة في النوم لبعض الوقت خلال الظهيرة، ثم تعود إلى تبادل الحديث مع جارتها في السكن في ذات المبنى، مستغلة وجود متسع من الفراغ عقب خسارتها لعملها في العاصمة الخرطوم في إدارة مشغل للثياب.

تضيف: "إذا تكيف النازحون مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مواقع نزوحهم فإنهم لن يعودوا إلى الخرطوم؛ أنا مثلًا، إذا استعدت مشغل الثياب الخاص هنا في بورتسودان سأمكث هنا إلى الأبد، إذ لا بأس من الوضع هنا، خاصة وهي مدينة جميلة من ناحية الطبيعة".

أدت الحرب إلى نزوح (8.6) مليون شخص داخليًا وخارجيًا، أغلبهم في السودان في ولايات بعيدة نسبيًا عن القتال، ويتوزعون ما بين مراكز الإيواء والمجتمعات المستضيفة.

وجراء اندلاع الحرب فقد مليوني شخص عملهم في القطاع الخاص في العاصمة الخرطوم، كما تأثر صرف الأجور بحق أكثر من ثلاثة ملايين عامل في القطاع العام، ما يعني أن الطبقة الوسطى في البلاد على محك فقر مدقع، وفقًا لمحللين.

في حياة لا تخلو من المشقة، تعكس سارة بابكر (30 عامًا)، وضعها الجديد في بورتسودان بولاية البحر الأحمر التي وصلتها من الخرطوم بسبب الحرب وفضلت البقاء في هذه المدينة الساحلية. ورغم حصولها على وظيفة إلا أنها تشكو من ارتفاع تكلفة المعيشة والسكن، حيث يبدأ الإيجار الشهري للمنزل من (350) ألف جنيه، وبعض المنازل إيجارها وصل مليوني جنيه.

ولا يمكن معايشة الأجواء الساخنة في ظل قطوعات منتظمة يوميًا للكهرباء (ست ساعات يوميًا في فترات الذروة صباحًا ومساء) في بورتسودان، إلى جانب شح المياه؛ جميع هذه المشاكل تحدث خلال فصل الصيف، بينما في فصل الشتاء تستقر نسبيًا - تضيف سارة بابكر.

وتقول سارة التي كانت تعمل في مجال الإنتاج الحيواني في مقر بالخرطوم وسط العاصمة قبيل اندلاع النزاع المسلح في بلادها: "بورتسودان جميلة، لكن بها مشكلات حيث يهاجم البعوض والذباب الناس على مدار اليوم، ولا يوجد حل لذلك، كما تنتشر الحميات التي تفتك بالناس".

ومع ذلك تتوقع سارة بابكر توقف الحرب نهاية هذا العام أو مطلع العام 2025، وعندما سألها مراسل "الترا سودان" عن سبب توقعها هذا الموعد، قالت إن "حدسها يردد ذلك".

في ساعة الظهيرة يبدد "التوم" الوقت بلعب النرد على هاتفه مع بعض من يرافقونه في السكن بمركز إيواء وسط مدينة عطبرة، وعندما تحدث معه مراسل "الترا سودان" عن آماله قال إنه يتمنى أن يحمل حقيبته ويذهب إلى محطة الحافلات ويغادر إلى منزله جنوب العاصمة الخرطوم في منطقة "الشقيلاب".

بقي الرجل الستيني هنا في السودان وحيدًا بعد أن غادرت عائلته إلى مصر بواسطة شاحنات التهريب، وهي وسيلة رائجة من شمال وشرق البلاد مرورًا بالصحراء والمناطق الوعرة حتى أسوان داخل الحدود المصرية.

"بتقيف متين؟" يظل هذا السؤال مطروقًا بين السودانيين في المجالس

"بتقيف متين؟" يظل هذا السؤال مطروقًا بين السودانيين في المجالس، وأولئك الذين قطعوا الحدود إلى دول الجوار ودول أخرى أملًا في بقاء مؤقت هناك ثم العودة مجددًا.

من عطبرة أيضًا تظهر سلمى الصادق (28) عامًا تفاؤلًا بشأن توقف الحرب في السودان، وقالت لـ"الترا سودان" إن الجيش سينتصر حتى لو بقي آخر جندي في ميدان المعركة. وتضيف: "هذا شعوري الذي دائمًا ما أفصح عنه عندما يدور النقاش حول الحرب".

تضيف سلمى الصادق التي كانت على أعتاب نيل درجة الدكتوراة في العاصمة الخرطوم قبل اندلاع الحرب: "مصير هذه الحرب أن تنتهي إلى سلام، لكن سيفعل الجيش ما يتعين عليه فعله".

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert