ثقافة وفنون

إزهار القناديل.. استعادة لسيرة عبدالخالق محجوب

26 يناير 2021
123763613_3520421621351491_3515114186585028505_n.jpg
من غلاف الكتاب
موسى حامد
موسى حامدصحفي من السودان

عن دار المصوّرات للنشر، بالخرطوم، صدر حديثًا كتاب: (عبد الخالق محجوب.. الوعي وإزهار القناديل)، للكاتب حسن محمود الريح، استعاد فيها لمحات من تاريخ وسيرة؛ زعيم الحزب الشيوعي السوداني، عبدالخالق محجوب بالتركيز على أيامه الأخيرة. وقدّم في الكتاب بعضًا من التفاصيل لأيام اختفائه، مسنودةً بالبيوت التي تنقّل فيها متخفيًا، وكذا أسماء الذين وشوا به لنظام جعفر نميري، ما أدى لاعتقاله وإعدامه فيما بعد.

المعلومات التي قدّمها حسن الريح، في كتابه الذي يقع في "265" صفحة، تُعد جديدة وإضافة في تاريخ انقلاب 19 يوليو 1971

المعلومات التي قدّمها حسن الريح، في كتابه الذي يقع في "265" صفحة من القطع المتوسط، وبما فيها من جهود استمرتْ كما أشار لسنوات، تُعد جديدةً وإضافة في تاريخ انقلاب 19 يوليو 1971، وهي بالطبع قابلةً للأخذ والرد فيها، خاصةً، وأنّ تاريخ هذه الحادثة، وحوادث أخرى ذات صلةٍ بالتاريخ السياسي السوداني، لا تزال مسيّجة بالغموض. والكثير من أسرارها مسوّر بالصمتْ، والأكثر منها دُفن مع الذين علّقهم الرئيس الأسبق نميري على المشانق، في محاكمات فيها من العبث ما فيها. ومن اللا إنسانية والتشفي والانتقام الكثير.

اقرأ/ي أيضًا: كان يغني كي لا يموت.. في تخليد ذكرى الفنان "ربيع عبدالماجد"

يقول حسن الريح، بأنّ ما حرّضه ودفعه لكتابة هذه الحقائق بعد كل هذه السنوات، هو: "إبراز الحقائق كما هي، دون تجريح أو إساءة لأي شخص كتب في هذا الموضوع. خاصة فيما يتعلق بالوشاية بعبد الخالق، فإنّ كل الأسماء التي وردتْ في تلك الكتابات هي مجرد تكهنات واستنتاجات غير حقيقية، مقارنة بالأسماء التي في مضابط جهازي الأمن العام، والأمن القومي".

ويبدأ الريح في نثر جملة من الأسباب التي دعته للكتابة، خاصة وأنّه ينتمي إلى ذات المدينة أم درمان التي وُلد فيها الزعيم عبدالخالق محجوب، وعاش فيها عقوده الأربعة من حياته. بل إنّ علائق رحم ونسب، وصداقات مشتركة تجمع بينهما، بالرغم من فارق السن.

يقول حسن الريح في كتابه، بأنّ المبلغ الرسمي، عن مكان اختفاء الزعيم الشيوعي عبد الخالق محجوب، اسمه: صالح عيسى، ويعمل بمصلحة وقاية النباتات، وكان متفرّغًا للعمل في الأجهزة الأمنية لنظام أيار/مايو 1969، ومقرّب من الرئيس الأسبق جعفر نميري. قام صالح عيسى بذلك، بالإشتراك مع مسؤول التأمين بفرعية الحزب الشيوعي بحي أبو روف: فضل البلولة، الذي سافر بعد أيام من القبض على عبد الخالق محجوب، ليعمل في وظيفةٍ إداريةٍ، بسفارة السودان بالقاهرة، بما يُشبه المكافأة من جعفر نميري، على ما قام به من التبليغ بمكان اختفاء عبدالخالق.

يقول حسن الريح عن اعتقال عبدالخالق محجوب: "أما فيما يخص اعتقال عبدالخالق محجوب، فالرواية الأصلية تقول إنه قد حدث يوم السبت 24 تموز/يوليو 1971م، حوالي العاشرة والنصف ليلًا، وتمّ تسليمه لنميري بالقيادة العامة منتصف الليل، في حضور مأمون عوض أبوزيد، وأبو القاسم محمد إبراهيم".

اقرأ/ي أيضًا: صدور كتاب "حوكمة التنمية" لقصي همرور.. ونسخة إلكترونية مجانية

الجديد أيضًا السعي بتفاصيل؛ في أسماء الذين آووا الزعيم الشيوعي عبدالخالق محجوب، وكذا الذين تنكّروا له، ورفضوا إيواءه، أو تهرّبوا من ذلك. فعلوا ذلك في غالب الأحوال، خوفًا  من الملاحقة الأمنية التي كانت مشددة وقتها، عبر البيانات وأخبار التهديد التي كان يبثّها جعفر نميري ونظامه عبر الإذاعة بالتشديد على عدم إيوائه هو وبعض القيادات الشيوعية المطلوبة لهم، ومن يقوم بذلك، فإنّ مصيره لا يختلف عن مصيرهم، إنْ تمّ القبض عليه.

الكتاب ينضافُ إلى سيرةٍ مكتوبةٍ متعددةٍ، من كُتّاب عديدين، عن الأحداث التي سبقتْ وزامنت وتلت انقلاب التاسع عشر من تموز/يوليو

الكتاب ينضافُ إلى سيرةٍ مكتوبةٍ متعددةٍ، من كُتّاب عديدين، عن الأحداث التي سبقتْ وزامنت وتلت انقلاب التاسع عشر من تموز/يوليو. منها ما سار في اتجاه التوثيق المحض، وتقديم الآراء مختلفةً، وكذا سرد الأحداث من زاويته، أو عبر شهود عيان لتلك الأحداث. ومن هذه السير والكتابات ما بثّ النفي لمسؤولية الحزب الشيوعي، وزعيمه عبدالخالق محجوب بالانقلاب. ومنها ما تمّ تخصيصه بشكلٍ أشبه بالأسطرة إلى سيرة هؤلاء الرجال الذين قاموا ودبّروا الانقلاب، وقابلوا مصائرهم المختلفة بالسجن المتطاول، أو التعذيب، والإعدامات، ببسالةٍ غير منكورة.

من هذه السير كتاب: "19 يوليو.. إضاءات ووثائق"، للدكتور عبدالماجد بوب، الذي وثّق لتفاصيل الانقلاب، وقدّم في كتاب من الحجم الكبير، إفاداتٍ لشهود عيان، ناجين من حفل الإعدامات التي نفذّها ببشاعةٍ منقطعة. ومن هذه السير: "عنف البادية"، للكتاب: حسن الجزولي، الذي نحى إلى نفي علاقة الانقلاب بالحزب الشيوعي وزعيمه عبدالخالق، الذي صوّرهُ بأسطرةٍ زائدة، ناتجةٌ عن وجدانية. ومن هذه السير أيضًا، كتاب "19 يوليو.. من يومية التحري إلى رحاب التاريخ" للدكتور عبدالله علي إبراهيم، الذي نحى فيه إلى إعادة فتح التحقيق في هذه الحادثة، التي لا يزال الغموض في بعض تفاصيلها هو سيد الموقف الأوحد.

كما شمل الكتاب؛ أبوابًا خصصها الكاتب حسن الريح، لنقل رواياتٍ من شهود عيانٍ على انقلاب 19 يوليو، وما تلاهُ من أحداث قضتْ بعودة جعفر نميري إلى السلطة مرةً أخرى، بعد فشل الانقلاب، ووصولًا بالمحاكمات بمنطقة الشجرة. وشملت هذه الروايات لشهود عيان، منهم: الملازم المعز عمر أحمد، الملازم عمر عبدالماجد، العقيد صلاح محمود، الملازم حسن محمد أبونا، والنقيب أبوبكر حسن بشارة.

اقرأ/ي أيضًا: "العشق والكتابة".. بن سلامة وإبداع المفهوم

الكتاب مقسّم إلى عدة فصول، تدور فكرتها الأساسية حول ملاحقة الأيام الأخيرة لزعيم الحزب الشيوعي السوداني عبدالخالق محجوب، بداية ستينات القرن الماضي، منذ هروبه من معتقله بسلاح الذخيرة بالشجرة، جنوب الخرطوم، مرورًا بما بعد انقلاب التاسع عشر من يوليو، ما عُرف سياسيًا  بـ"انقلاب الرائد هاشم العطا"، وصولًا إلى اعتقاله بأحد المنازل بأحياء أم درمان القديمة، وهو يُحاول القفز منه إلى بيت الجيران، عبر الحائط الفاصل بينهما.

 كتاب "عبدالخالق محجوب.. الوعي وإزهار القناديل"جهد إضافي في التفتيش عن إبر قضايا التاريخ السياسي، المدفونة في أكوام قش الرغبة والنسيان

كل ذلك بالتركيز على تنقله مختفيًا في عددٍ من البيوت، مستعينًا بالخُرط والرسومات التي تُوضح تنقلاته، إلى القبض عليه، بوشايةٍ من أحدهم. وهي النقاط الجديدة في سيرة انقلاب 19 يوليو، المتهم فيه منذ ذلك التاريخ، وإلى الآن الحزب الشيوعي السوداني، الذي ظلّ على الدوام مستعصمًا بإنكار تدبيره، مستندًا على مقولةٍ في بيان مشهورٍ للحزب مفادها، أنّ الانقلاب "تهمةٌ لا نُنكرها، وشرفٌ لا ندعيه".

وعليه، فإنّ كتاب "عبدالخالق محجوب.. الوعي وإزهار القناديل"، وإنْ لم يُركّز بحسب العنوان المخاتل على تجربته في الفكر والوعي، فهو جهد إضافي في التفتيش عن إبر قضايا التاريخ السياسي، المدفونة في أكوام قش الرغبة والنسيان.

اقرأ/ي أيضًا

نسخة ثالثة من "عشان بلدنا" تزامنًا مع ذكرى الثورة

"ستموت في العشرين".. الدخول للحياة من باب الموت

الكلمات المفتاحية

مسلسل اقنعة الموت.jpg

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"

تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.


معرض كتاب القاهرة ومشاركة دور نشر سودانية فيه.png

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة

أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17"  من شهر رمضان المكرم.


غلاف مذكرات جثة منتفخة بالحياة.jpg

"مذكرات جثة منتفخة بالحياة" نصوص قصصية تنبش في أعماق الحرب

عن "دار زهرات البيدر للنشر" وتنسيق وإشراف منصة "منتدى السرد والنقد"، صدرت المجموعة القصصية "مذكرات جثة منتفخة بالحياة"، ويضم الكتاب خمس نصوص عن الحرب، لنخبة من كُتاب وكاتبات القصة، مصحوبة بدراسات نقدية من أقلام مُفكرة.


ثلاث روايات سودانية .jpg

أسئلة حارقة: ثلاث روايات تناولت الحروب في السودان

الحرب واحدة من الموضوعات الرئيسية التي اشتغلت عليها الرواية السودانية، لاسيما كُتاب ما بعد "الجيل التسعيني"، الجيل الذي تزامن اشتغاله بالسرد مع اتساع رقعة الحروب في السودان، وتأزم الأوضاع عامة في البلاد، قبل أن تصل مرحلة الانفجار الكبير في حرب الخامس عشر من أبريل 2023.

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert