أن تكون عربياً في السودان
16 أكتوبر 2015
لم تعد عروبة السودان أمرًا مسلمًا به منذ اتفاقية السلام الشامل 2005 التي جعلت "آخرين" يعرِّفون أنفسهم كأفارقة، يحصلون، لأول مرّة، على اعتراف رسمي بالمساواة مع من يعرِّفون أنفسهم كعرب؛ بعد أن ظلت النسخة السودانية من "العروبة" تكرِّس دونية "الآخر الأفريقي الأسود" وثقافته، وهو أمر طريف كما نرى في بلاد اسمها "السودان" وتقع في "أفريقيا" وسكانها "سود" حتى من يظنون أنهم ليسوا كذلك!
إن مفهومَي "العروبة" و"الاستعلاء" في السودان يسيران معًا بلا انفصام
إن مفهومَي "العروبة" و"الاستعلاء" في السودان يسيران معًا بلا انفصام، فأن تكون عربيًا في السودان يعني كونك الأفضل بين الآخرين، ويمنحك امتيازات اجتماعية لا يتوفر عليها الآخرون، بدءاً من التفضيل في سوق الزواج وليس انتهاء بامتياز ألا توضع خلف قضبان "الحَرَاسَة" في قسم الشرطة إلى حين عرضك على القاضي!
الآن، ورغم أن نخبة المدن أصبحت تنظر للعروبة بشيء من الشك، بفعل عدة عوامل أسهمت بجانب حرب الجنوب ثم انفصاله؛ في خلخلة المفاهيم القديمة الموروثة، عمّن هم خارج حظيرة العروبة؛ لكن ما يزال صعبًا على كثيرين التعاطي والنقاش دون تحيز مع مسألة عروبة السودان، وهو أمر يُلاحظ في التشنج الذي وسم الحوارات المعروفة باسم "جدل الهوية" التي انتظمت المشهد الثقافي والسياسي للسودان عقب توقيع اتفاقية السلام الشامل، وما افترّت عنه من حرية مؤقتة.
لا يختلف موقف بعض المثقفين عن حساسية السوداني المعروفة تجاه مسألة العروبة، فأن تصف أحدهم بأنه ليس عربيًا أو أنه أسود "وإن كان كذلك فعلًا" يُعتبر إهانة، ومثلما يأتي رد فعل السوداني خارج دائرة نخبة المثقفين عنيفًا أو حادًا؛ يعمد المثقف لمعاداتك، أو يحاول أن يثبت لك عروبته نسبًا، عرقًا، ثقافةً، أو بأي طريقة في متناوله، لكن أظن أنه مثل أكثر السودانيين، يعرف في قرارة نفسه أنه لا يشبه "نموذج العربي" ولا حتى مورفولوجيًا.
إن الحرب على المتهمين، مثلي، بـ"الشعوبية" وأنهم "أعداء العروبة"، تتخذ عدة مستويات، بدءًا من المواجهة المباشرة مع أوصياء العروبة المدعومين بالحكومة وسياساتها، مرورًا بالدعاوى القانونية اتهامًا بإثارة الفتنة، إلا أن النوع الأخطر برأيي يأتي من مثقفين عروبيين مستترين يطرحون أنفسهم كمحاربين للعنصرية؛ حين يحاولون "كما حدث معي شخصيًا" وصمك بالعنصرية، أو إقناعك بأن ما تتحدث فيه أمر تجاوزه الناس إلى آفاق أخرى ولم يعد مؤثراً في الصراع.
إن المشكلة في السودان، كما هو واضح، ليست في "العرب"، بل في من يظنون أنهم عرب وأن الآخرين، من ثمَّ، أدنى منهم. أو بتعبير دكتور الباقر العفيف، الباحث في مسألة الهوية: "لا يرون وجوههم حين ينظرون في المرآة، بل يرون وجوهًا يتخيلون أنها وجوههم".
رفعت حكومة الإسلاميين الحالية، منذ مجيئها، شعارات العروبة والإسلام في مواجهة أعدائها من السودانيين خارج هذين النطاقين، ومضت بالتمييز العرقي إلى مداه الأقصى، ما أدى في النهاية إلى انفجار الحروب كما نراها اليوم في أطراف البلاد، من دارفور إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقبلها الشرق. وبالنتيجة صار الآن ثمة أرياف في أصقاع نائية تحمل المفاهيم الأشد بغضًا تجاه العروبة، وأخرى تسبح في مستنقع العنصرية الأشد قتامة تجاه الأفارقة الذين يقاسمونهم ذات الجغرافيا، وهو ما يرشح السودان لمزيد من الحريق، فأين سيصبح السودان حال سقوط النظام الحالي الذي يمثل آخر درع للعروبة المدّعاة في مواجهة عاصفة من ردود الأفعال رأينا مقدماتها فقط في حروب العقد الماضي؟ حسناً.. من الأفضل ألا يتم تجاهل هذا.
اقرأ/ي للكاتب:
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.