ثقافة وفنون

"أفلام في الشارع".. مبادرة تحكي قصة جيل الثورة

6 أكتوبر 2019
70167329_107495743965764_9030670701257818112_o.jpg
صفحة المبادرة على فيسبوك
مروة التجاني
مروة التجانيكاتبة وصحفية من السودان

طوال ثلاثة عقود من حكم النظام البائد كان السودان يعيش عزلة قاتلة، الشوارع صامتة يسكنها الخوف والترقب، والنشاط الثقافي متوقف وتحول إلى فعاليات هزيلة ومحصورة بين النخب، داخل قاعات مغلقة بعيداً عن أعين الجمهور. أغلقت دور السينما وصار الاهتمام بها ضعيفًا، يتابعها الناس داخل البيوت من شاشات التلفاز وهي في الغالب عروض لأفلام استهلاكية لا تقدم ذخيرة معرفية أو بصرية للمشاهد. ثم جاءت ثورة كانون/أول ديسمبر 2018 وحملت معها تغييرات كبيرة وآمالًا شبابية في تغيير الواقع وإصلاح ما أفسده حزب المؤتمر الوطني، بسياساته الظالمة، خصوصًا تجاه الثقافة والفنون والسينما، وكان لا بد أن يتحرك الشارع ويتفاعل مع المتغيرات الجديدة. وفي يوم 5 أيلول/سبتمبر أعلنت مجموعة من الشباب عن قيام مبادرة بعنوان "أفلام في الشارع " وعرضت فيلم "أضواء المدينة" لتشارلي شابلن.

مبادرة "أفلام في الشارع" كانت بمثابة الحلم عندما تحققت الثورة، تم اختيار الشارع العام كمكان للعرض لارتباطه بثورة ديسمبر المجيدة والتي بفضلها تمتع السودانيين بالحريات

تقول الكاتبة والناشطة الفنية والعضو المؤسس في المبادرة لمياء نبيل "مبادرة "أفلام في الشارع" كانت بمثابة الحلم عندما تحققت الثورة، تم اختيار الشارع العام كمكان للعرض لارتباطه بثورة ديسمبر المجيدة والتي بفضلها تمتع السودانيين بالحريات" كان الشارع هو المكان الأول الذي تعرض للهجوم والمصادرة عند وقوع انقلاب 1989 وتم تحديد حركته بسلسلة من القوانين والأفكار المتزمتة التي حملتها "الحركة الإسلامية" في مشروعها وأعادت من خلالها تعريف الحياة الاجتماعية في السودان وفقًا لها، فجاءت المبادرة لإحياء شوارع الخرطوم وبقية مدن السودان كنوع من الإثراء الثقافي ومحاولة جادة للاستمرار في التواجد، فيه الشارع هو الفضاء العام الأول الذي انتزعته الجماهير ومنه انطلقت مواكبها وفيه ارتقى شهداؤها. تضيف لميا : "لن نعود أدراجنا من الشارع أبداً، وسنثبت حقنا وفيه ونطالب بالمزيد".

اقرأ/ي أيضًا: الفيلم السوداني "حديث عن الأشجار" يمنح العرب جائزة مهرجان برلين

وجدت فكرة لمياء الترحيب من شرائح كبيرة من المثقفين والمنتجين وصناع الأفلام والمسرح والدراما، انضم إلى المبادرة في بدايات التكوين الشاب المسرحي جسور أبو القاسم الذي تحدث إلى "الترا سودان" قائلًا: "الشارع يحتاج أن يتنفس ونحن نحتاج برامج ترفيه، نحتاج لقضاء ساعات بعيدًا عن صراعات الساسة، ومن خلال هذه البرامج التي نعدها يمكننا مساعد الآخرين على ممارسة الحياة المدنية والتفكير في فوائدها وإثراء الشأن العام بالأنشطة الهادفة.

من فعاليات المبادرة (فيسبوك)

انقطعت السينما عن السودان لفترة طويلة، وعودتها تشكل حدثًا بارزًا في الحياة الثقافية السودانية، لذلك عندما بدأت مبادرة "أفلام في الشارع" تجاوب معها المواطنون وكان الحضور كثيفًا ومتنوعًا بل وتم تقديم مقترحات لأصحاب المبادرة بضرورة نقلها إلى جميع أحياء الخرطوم. كانت هناك مقترحات بضرورة إعادة عرض أفلام سودانية مرتبطة بالذاكرة الجمعية لإحياء ما تم هدمه خلال فترة حكم "الكيزان". لأن المبادرة حديثة النشأة وبدأت في مدينة الخرطوم، يتم حالياً التجهيز لعروض في مدن سودانية أخرى مثل "بورتسودان" و"الجنينة" و"الكاملين".

لكن هل هدف المبادرة هو مجرد عرض أفلام في الساحات؟ تؤكد الكاتبة لمياء نبيل أن الهدف هو إعادة جدولة السينما في الروتين اليومي لحياة السودانيين، بتوفير عروض مجانية في الميادين يشارك في اختيارها سكان المنطقة المخصصة للعرض. أما المرأة فكانت مشاركتها بالانخراط في المبادرة والحضور لافتة جدًا، وكثير من العروض جرى التنسيق لها في أحياء الخرطوم كانت بواسطة نساء المنطقة.

وجدت المبادرة تفاعلًا كبيرًا من قطاعات المجتمع وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا دليل على تحرك البلاد في العهد الجديد ناحية الفنون والوعد بانتعاش دور السينما

وجدت المبادرة تفاعلًا كبيرًا من قطاعات المجتمع وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا دليل على تحرك البلاد في العهد الجديد ناحية الفنون والوعد بانتعاش دور السينما، وتأكيد أن ما تم في الماضي من حربٍ على السينما كان نتاج توجه سياسي مختل، لم يجد قبولًا شعبيًا، بل وجد معارضة قوية، لكنه استمر بسبب بطش النظام البائد. تعود لمياء لتؤكد: "نشهد الآن انتعاشًا للسينما وصناعتها وإنتاج أفلام سودانية بجودة عالية، تناقش مواضيع مهمة وتكسر التابوهات القديمة في الشارع السوداني، وما زلنا ننتظر أفلامًا كثيرة عن الثورة وتأثيرها في اليومي السوداني، وعن أحلام جيلنا وطموحات الشباب، وأتمنى أن نستمر بنشر البهجة بالألوان والأضواء والموسيقى وننير شوارع الخرطوم من بعد ظلمته".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خارج حدود السينما.. داخل حدود السياسة

الفيل الأسود.. أوان الحنين للسينما السودانية

 

الكلمات المفتاحية

مسلسل اقنعة الموت.jpg

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"

تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.


معرض كتاب القاهرة ومشاركة دور نشر سودانية فيه.png

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة

أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17"  من شهر رمضان المكرم.


غلاف مذكرات جثة منتفخة بالحياة.jpg

"مذكرات جثة منتفخة بالحياة" نصوص قصصية تنبش في أعماق الحرب

عن "دار زهرات البيدر للنشر" وتنسيق وإشراف منصة "منتدى السرد والنقد"، صدرت المجموعة القصصية "مذكرات جثة منتفخة بالحياة"، ويضم الكتاب خمس نصوص عن الحرب، لنخبة من كُتاب وكاتبات القصة، مصحوبة بدراسات نقدية من أقلام مُفكرة.


ثلاث روايات سودانية .jpg

أسئلة حارقة: ثلاث روايات تناولت الحروب في السودان

الحرب واحدة من الموضوعات الرئيسية التي اشتغلت عليها الرواية السودانية، لاسيما كُتاب ما بعد "الجيل التسعيني"، الجيل الذي تزامن اشتغاله بالسرد مع اتساع رقعة الحروب في السودان، وتأزم الأوضاع عامة في البلاد، قبل أن تصل مرحلة الانفجار الكبير في حرب الخامس عشر من أبريل 2023.

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert