مجتمع

أطباء: الرعاية الصحية في السودان تصبح أثرًا بعد عين مع الحرب

13 فبراير 2025
Health in Sudan.png
في مناطق واسعة من السودان يقدم الرعاية الصحية أطباء متطوعون في مراكز خيرية
محمد حلفاويصحفي سوداني

يتردد عبد الرحمن على مركز لغسيل الكلى بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل، شمال البلاد، وقبل ذلك يتعين عليه تدبير أجرة التاكسي من وإلى المرفق الصحي، والأدوية المطلوبة في مثل هذه الحالات. كما يتعين عليه الانتظار في القائمة لساعات طويلة أو الوصول باكرًا قبل شروق الشمس.

طبيب: لا يمكن الموازنة بين الصرف على العمليات العسكرية وعلى القطاع الصحي

كانت عائلة عبد الرحمن تتردد به على مركز لغسيل الكلى بمنطقة الخرطوم بحري، شمال العاصمة الخرطوم، قبل أن تندلع الحرب ويتحول المرفق الصحي إلى مجرد مبانٍ خالية من كل شيء تقريبًا، مع نهب الأدوية بما في ذلك مخازن الإمدادات الملحقة بالمركز، الذي كان يقدم خدماته لأكثر من ثلاثة آلاف مريض.

يقدر عدد مرضى غسيل الكلى بأكثر من (20) ألف شخص بولاية الخرطوم، أغلبهم غادروا العاصمة بحثًا عن مراكز في الولايات لاستئناف عمليات الاستصفاء الدموي، التي تحتاج إلى عناية فائقة ومتابعة دورية تستغرق مرتين أسبوعيًا على الأقل.

تقول ابنة عبد الرحمن، التي ترافقه في رحلاته للعلاج، في حديث لـ"الترا سودان": "إن فكرة التوجه إلى عملية غسيل الكلى مرتين خلال الأسبوعين مدمرة نفسيًا للمريض، خاصة وأن العناية هنا سيئة؛ بدءًا من مغادرة المنزل بواسطة سيارة أجرة بسعر باهظ، وشراء الأدوية وتأمينها حتى لا تنفد وتتدهور حالة المريض".

وعند سؤالها: "هل لديكم خيار آخر باللجوء إلى دولة مجاورة مثلًا؟" رفضت التعليق على هذا السؤال، قائلة إن الوضع المالي للعائلة لا يسمح بالسفر من مدينة إلى أخرى. وأضافت: "عندما نفرغ من غسيل الكلى لوالدي نشعر بالارتياح كثيرًا وكأننا أنجزنا شيئًا رائعًا، لأن القلق لا يفارقنا من توقف المركز أو حدوث طوارئ، خاصة وأن الحرب لم تترك لنا شيئًا لا يمكن تخيله".

وزارة الصحة

تقول وزارة الصحة الاتحادية إنها تعمل على سد النقص في المرافق الصحية بالولايات، التي فر إليها ملايين النازحين خلال الحرب، من خلال توفير الأجهزة الطبية والمعدات وتشغيل القطاع الصحي العام بصورة مستدامة. وفي هذا الصدد، طلبت الوزارة من دولة قطر التدخل لإعمار القطاع الصحي، والأخيرة أكدت استجابتها للمناشدة مع إرسال عشرات الأجهزة من المعدات الطبية والأدوية المنقذة للحياة.

يقول العاملون في القطاع الصحي والكيانات النقابية الطبية إن المستشفيات والمرافق الصحية في السودان لم تكن بحاجة إلى الحرب؛ لأنها وجهت إليها الضربة القاضية ودمرتها بالكامل.

طبيب: لا يمكن إحياء القطاع الصحي في السودان قبل توقف الحرب وتوفير تمويل يصل إلى مليار دولار من الخزانة الحكومية

"لا يمكن إحياء القطاع الصحي في السودان قبل توقف الحرب وتوفير تمويل يصل إلى مليار دولار من الخزانة الحكومية، ومليار من المؤسسات الدولية، وهذا مستحيل تمامًا في الوقت الراهن"، هكذا يتحدث محمد ماهر، الطبيب الذي اعتاد العمل في المناطق الساخنة والحالات الطارئة، معبرًا عن حالة من اليأس. ويضيف: "كُلفة الحروب أسوأ من الأسباب التي تجعلك تخوضها، حتى لو كنت مضطرًا لذلك. الدول عندما تواجه أزمات كالحروب تبحث عن 'مخارج النجاة' بقدر الإمكان".

ببنادق الكلاشنكوف وفتيان في مقتبل العمر يلوحون بعلامات النصر أمام مستشفى النساء والتوليد في أم درمان طيلة العام الماضي، قبل أن يستعيده الجيش في آذار/مارس 2024. هذه الصورة تمنحك عنوانًا بارزًا عن الوضع الصحي خلال الحرب، وانحداره إلى درك سحيق.

يقول ماهر إن تضرر القطاع الصحي تسبب في وفاة الآلاف بسبب نقص الرعاية الصحية والأدوية، خاصة كبار السن والأطفال والنساء الحوامل. ويشير إلى أن الخطط الإسعافية التي نفذتها وزارة الصحة الاتحادية، رغم عملها في ظروف قاسية، لن تحقق المطلوب، لأن الوضع المثالي يتطلب كفاءة عالية للقطاع في بلد يستعر فيه القتال منذ (20) شهرًا، حيث يلتهم الصراع المسلح الموارد المالية، ولا يتيح للقطاع الصحي أولوية الحصول على التمويل.

دولتان في السودان

المعارك العسكرية التي تستعر في أنحاء عديدة من البلاد، سوى شرق وشمال السودان، تبدو وكأنها في بلد آخر. دولة تعتمد على المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية منذ سنوات طويلة، ولم تغادر محطة النزاعات المسلحة في إقليم دارفور، وجبال النوبة، وكردفان، والنيل الأزرق.

تذخر الأراضي باحتياطات الذهب، وتصدر عشرات الأطنان سنويًا إلى الأسواق العالمية. ومع اشتداد حمى المعدن الأصفر، وسعت مجموعة حميدتي، القائد الذي يقود قوات شبه عسكرية، من الإمبراطورية الاقتصادية، وازداد نفوذه في القصر الرئاسي عقب الإطاحة بالبشير، رغم تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين.

باحث: الصرف على القطاع الصحي والتعليم في السودان لم يكن من أولويات الحكومات

يوضح عبد الله بشار، وهو باحث في مجال التنمية الاجتماعية، أن الصرف على القطاع الصحي والتعليم في السودان لم يكن من أولويات الحكومات. ويقول: "لذلك، عندما يكون الحديث عن إنشاء مستشفى يكون السؤال التالي: 'لماذا لا تطلبوا التمويل من المؤسسات الدولية أو الدول المانحة؟'".

ويستدرك قائلًا: "لا توجد إجابة لدى صانعي القرار في الدولة عن لماذا لا نشيد القطاع الصحي". ويعتقد بشار أن تدهور القطاع الصحي خلال الحرب نتيجة حتمية لتفوق ميزان الصرف على العمليات الحربية بنسبة لا تُقارن، ويكاد التمويل الحكومي للقطاع الصحي يكون 'معادلة صفرية'.

وأضاف: "لجأ نحو 8 ملايين شخص إلى الولايات البعيدة نسبيًا عن الحرب، والطبيعي أن تقابل هذا العدد بالخدمات الصحية الضرورية، بتشييد مستشفيات ميدانية مؤقتة في مراكز اكتظاظ النازحين، لا عيادات صغيرة لا تلبي الاحتياجات المرتفعة لعشرات الآلاف من المرضى".

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert