"أرميلي زمن وردة ومنديل".. وداعًا ربيع عبدالماجد
17 نوفمبر 2020
طائفة من الحزن ألمت بالموسيقيين السودانيين، برحيل الموسيقار السوداني ربيع عبدالماجد. فالموسيقي الذي توفي ليلة الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، عن عمر ناهز الستين بعدد قليل من السنين، كان قد أسس للحداثة الموسيقية في السودان، بصدوح فرقة "ساورا" التي ساهم في إرساء قواعدها في بدايات التسعينات، مرددة ألحانًا حداثية، تترح بصولجان ربيع عبدالماجد، كاسيةً الأغنية السودانية بعدًا جديدًا حداثيًا؛ بعدًا تردده بألحان كاسيتات "ساورا" بداية التسعينات، والمغني عاطف أنيس، بينما ينثر توزيع موسيقى ربيع المبتكرة.
ربيع عبدالماجد مبروك موسى محمد، المولود في العام 1964؛ موسيقي ومخرج سوداني، عرف أكثر بنشاطه الموسيقي
لم تفلح محاولاتي في استنطاق أي من معاصريه ومجايليه، فقد جاء صوت "ممدوح جاد" عضو فرقة "ساورا" الغنائية، حزينًا بينما أكلمه عبر الهاتف، حد أن استحيت أن أواصل سؤاله عن الراحل، كأنما السيرة نبش على جرح حي، أحالني ممدوح بصوت يعتصره الألم لزميل آخر للراحل ربيع، أحالني هو أيضًا لآخر؛ بينما يعتذر عن أنه لا يستطيع ولا يقوى عن الحديث عن ربيع عبدالماجد.
اقرأ/ي أيضًا: 26 عامًا على رحيل الفنان خوجلي عثمان
ربيع عبدالماجد مبروك موسى محمد، المولود في العام 1964؛ موسيقي ومخرج سوداني، عرف أكثر بنشاطه الموسيقي، تخرّج في كلية الموسيقى والدراما من قسم التأليف الموسيقي، غذّى المكتبة الموسيقية السودانية بأعذب الألحان، كما أمد التلفزيون القومي والإذاعة السودانية بعدد من المسرحيات والأعمال الموسيقية.
عمل ربيع برفقة عمالقة الموسيقى السودانية، كالموسيقار يوسف الموصلي، والذي عمل معه في أغانٍ مشتركة، ثم ساهم وأسس لإعادة إحياء فرقة "ساورا" الغنائية. الفرقة التي نالت حظها من الشهرة في ذلك الزمان الغابر، بدايات عهد الإنقاذ البائد، حيث مثّلت الفرقة حينها منبرًا للأصوات المخالفة لذاك المشهد الذي كانت تعمل على تدعيمه حكومة الإنقاذ.
وكعادة المبدعين آنذاك، لم يكن لعبدالماجد بد من الانخراط في الحزب الشيوعي، حيث مثّل الشيوعي حينها وعاءً جامعًا للمبدعين الفارين من سطوة اليمين؛ فانخرط فيه حتى أوان رحيله الفاجع، عاملًا ضمن كورال الحزب الشيوعي مدربًا وموزعًا موسيقيًا يؤهل الفتية والفتيات اليافعين للعمل ضمن كورال الحزب، كما قام بإعادة بعث الفرقة الشهيرة "ساورا" في العشرية الأخيرة، لتصدح مرة أخرى بغنائيات "يومًا ما سيغني أطفال العالم لحنًا واحد".
تعدى نشاط عبدالماجد الاجتماعي الجانب السياسي؛ فقد انخرط الراحل ضمن مشاريع اجتماعية بعمله وتأسيسه لجماعة "المختبر" التي عملت على استيعاب النزلاء بمصحة "كوبر" للأمراض النفسية، حيث عمل على تأهيلهم على المستوى الفني والغنائي، كما يرجع له فضل الإشراف والتأسيس لكورال "فضاءات محايدة"، الفرقة التي نشأت تحت رعاية مركز "الخاتم عدلان للاستنارة"، والذي أغلقته سلطات النظام البائد في وقت مضى، وصدحت الفرقة بالعديد من الأغاني والجمل الموسيقية المبتكرة. وهي الفرقة الموسيقية التي أحبها حد أن أطلق الاسم على واحدة من بناته وأبنائه الخمسة، حيث أطلق اسم "ساورا" على إحدى بناته.
في بدايات العام الجاري، عمل الراحل، برفقة الموسيقار يوسف الموصلي، على تأسيس أوركسترا وكورال الخرطوم "الفيلهارموني"، وهي الأوركسترا التي تنتهج المجتمع كوسيلة لاستمرارها، وتعمل على أن تبتعد من رؤوس الأموال الداعمة، محاولةً تجذير الموسيقى مع وبالمجتمع، وكان عبدالماجد، ضمن هذه التجربة، هو القائد والموزع الموسيقي للفرقة الوليدة.
بالتوازي مع مشروعه الفني، صُبغت حياة الراحل بمشاريع اجتماعية وإنسانية عديدة، فبالإضافة إلى كل ما سبق نشط الراحل في مشاريع اجتماعية من شاكلة محاربة زواج القاصرات، ومكافحة الإيدز، ودعم الأطفال فاقدي الأبوين.
اقرأ/ي أيضًا: "الجنقو مسامير الأرض" تفوز بجائزة الأدب العربي في فرنسا
عبد الماجد، بطلته البهية، وبسيرته العطرة التي تركها وسط أحبائه ومعاصريه، مسيرة فنية جزلة، كانت مستمرة في طور التشكل في محاولة لرسم خارطة جديدة للموسيقى والغناء السوداني، كاسيةً المشهد الفني بأمثولة أخلاقية تعيد للفن رساليته المعهودة، على أصوات تغني "من أجل صباح".
ما زال الموسيقيون السودانيون في صدمة إثر الرحيل المفاجئ لربيع
ما زال الموسيقيون السودانيون في صدمة إثر الرحيل المفاجئ لربيع، فلم تفلح كل المحاولات في استنطاق أي منهم في سبيل سرد سيرة الراحل، والتي يبدو أنه ما زال فيها ما يخفى عنّا، فطيب معشره لا يحتاج إلى شرح أو إفهام، فقط يكفي ما نال صحبته وأقاربه من حزَن ألم بهم وأسكتهم عن أن يسردوا سيرة موسيقيٍ سكب الألحان على أمل وطن كان يحلم به ونال بعضًا منه قبل وفاته، بالثورة السودانية التي لطالما تغنى لها وباسمها ربيع.
اقرأ/ي أيضًا
الكلمات المفتاحية

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"
تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة
أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17" من شهر رمضان المكرم.

"مذكرات جثة منتفخة بالحياة" نصوص قصصية تنبش في أعماق الحرب
عن "دار زهرات البيدر للنشر" وتنسيق وإشراف منصة "منتدى السرد والنقد"، صدرت المجموعة القصصية "مذكرات جثة منتفخة بالحياة"، ويضم الكتاب خمس نصوص عن الحرب، لنخبة من كُتاب وكاتبات القصة، مصحوبة بدراسات نقدية من أقلام مُفكرة.

أسئلة حارقة: ثلاث روايات تناولت الحروب في السودان
الحرب واحدة من الموضوعات الرئيسية التي اشتغلت عليها الرواية السودانية، لاسيما كُتاب ما بعد "الجيل التسعيني"، الجيل الذي تزامن اشتغاله بالسرد مع اتساع رقعة الحروب في السودان، وتأزم الأوضاع عامة في البلاد، قبل أن تصل مرحلة الانفجار الكبير في حرب الخامس عشر من أبريل 2023.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.