رأي

معضلة الولايات..عملية السلام في عنق الزجاجة

11 فبراير 2020
GettyImages-524083002_0.jpg
جندي من جيش الحكومة (Getty)
أتيم سايمون
أتيم سايمونصحفي وكاتب من جنوب السودان

بفشل قمة رؤساء أيغاد، التي انعقدت بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا يوم السبت المنصرم،  في الوصول لتوافق على عدد الولايات بين الحكومة و المعارضة، تكون اتفاقية سلام دولة جنوب السودان المعاد تنشيطها قد دخلت في عنق الزجاجة، إذ تضاءلت إمكانية تشكيل الحكومة االانتقالية في 22 شباط/فبراير الجاري، بعد مطالبة الحكومة باستطلاع آراء المواطنين حول أنسب عدد للولايات، دون تحديد الآلية التي سيتم اتباعها، ودون الحصول على موافقة أطراف المعارضة الأخرى الموقعة على اتفاق السلام .

نصت تفاقية السلام بشكل صريح على أن جنوب السودان يتكون من 10 ولايات، بموجبها يتم اقتسام  السلطة بين الحكومة و الجماعات الموقعة على مستوي المركز و الولايات

تعود بداية  أزمة الولايات في جنوب السودان لشهر أكتوبر من العام 2015، حين قام أعلن الرئيس سلفاكير  منفردًا زيادة عدد الولايات بالبلاد من 10 إلى 32 ولاية.  مخالفًا بذلك بنود اتفاق السلام الذي جرى توقيعه في آب/أغسطس من ذات العام بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا. إذ نصت الاتفاقية بشكل صريح على أن جنوب السودان يتكون من 10 ولايات، يتم بموجبها تقسيم السلطة بين الحكومة و الجماعات الموقعة على الاتفاقية، في المركز و الولايات، وظلت الحكومة تتمسك بموقفها هذا مبررة الخطوة على أنها جاءت كمطلب شعبي وجماهيري، وهو تبرير لا يستند على أدلة؛ لأن القرار لم يتم بناءً على خطوات مدروسة بعد مشاورة الجماهير، إنما فرضه سلفاكير فرضًا.

اقرأ/ي أيضًا: جنوب السودان.. جدل الولايات وإشكالية نظام الحكم

ظل الخلاف على عدد الولايات يمثل عقبة كأداء أمام تحقيق السلام في جنوب السودان، وقد حاولت وساطة الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (الايغاد) معالجة الامر في المرحلة الثانية من عملية السلام، وذلك عن طريق التوافق على آلية اسمتها "مفوضية ترسيم حدود القبائل" تضم ممثلين من الحكومة و المعارضة . فشلت الآلية في التوصل إلى قرار حول العدد المناسب للولايات، مثلما فشلت الللقاءات الثنائية بين الرئيس كير، وزعيم المعارضة المسلحة ريك مشار في احداث اختراق يذي بال في الملف المستعصي.

 

جاءت مخرجات قمة رؤساء الايغاد الاخيرة محبطة جدًا للشارع الجنوبي؛ بسبب فشل قادة الإقليم في معالجة أزمة عدد الولايات، حيث طرح القادة الافارقة على الحكومة و المعارضة الاختيار ما بين العودة لنظام الولايات العشر السابق، أو العمل بـ23 ولاية كمنزلة بين المنزلتين، رفض الجانب الحكومي المقترحين جملة وتفصيلا، بينما قبلت المعارضة مقترح العودة لنظام العشر ولايات.

 يقول مايكل مكوي وزير الاعلام و المتحدث باسم الحكومة في تصريحات لـ(ألترا سودان) : "موقفنا ثابت ولن نتراجع عنه خطوة واحدة، نحن مع الـ32ولاية ؛ لأنها تعبر عن رأي الجماهير، ولن نتنازل عن أي ولاية، ومن يريد غير ذلك فلنحتكم لرأي المواطنين باستفتاء عام، فنحن حكومة جاءت برغبة الشعب لذلك سنعود للشعب ".

اقرأ/ي أيضًا: إيمانويل كيمبي.. توحيد الجنوبيين بالغناء

 وبحسب فوت كونغ، القيادي بالمعارضة المسلحة التابعة لـ "ريك مشار"، فإن موقفهم هو رفض المشاركة في الحكومة االانتقالية ما لم يتم  التوصل إلى حل مرض لمسألة عدد الولايات، وإكمال عملية تدريب ونشر القوات، أو أن يتم نشر قوات أممية لتأمين العاصمة جوبا إذا لم تكتمل عملية تدريب القوات المشتركة .

وزاد بالقول في تصريحات لـ (ألترا سودان) :" نحن في المعارضة المسلحة لن نشارك في الحكومة االانتقالية المقبلة إذا لم يتم معالجة قضية عدد الولايات، ونشر القوات الشمتركة أو نشر قوات أممية لتوفير الحماية لأعضاء الحكومة بالعاصمة جوبا وبقية مدن البلاد الاخرى حتي لا تتكرر أعمال العنف و المواجهات المسلحة مثلما حدث في العام 2016".

بدورها طالبت الولايات المتحدة الاميريكية الأطراف الرئيسية في جنوب السودان للاسراع بتكوين الحكومة الانتقالية في موعدها المحدد دون  تأجيل حتى لا يتعرضوا لفرض المزيد من العقوبات عليهم بسبب عرقلة جهود تحقيق السلام في جنوب السودان .

وقال تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأميريكي للشؤون الأفريقية في تصريحات للصحفيين خلال زيارته للعاصمة جوبا نهاية الشهر الماضي :" نحن نريد أن يجني شعب جنوب السودان ثمار السلام، لانه عانى كثيرًا بسبب الحرب، على النخبة أن تتوجه لخدمة مصالح شعبها، وعلى مختلف الأطراف المسارعة بتشكيل الحكومة في موعدها المحدد، ومن ثم النظر في بقية القضايا السياسية كعدد الولايات ومسألة دمج القوات لاحقًا خلال الفترة الانتقالية".

تعاني دولة جنوب السودان، التي أنفصلت عن السودان عام 2011، من حرب أهلية منذ أواخر 2013، اتخذت بعدًا قبليًا، وخلفت نحو 10 آلاف قتيل

وفي  أيلول/سبتمبر 2018، وقع فرقاء جنوب السودان اتفاق السلام النهائي بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، بحضور رؤساء دول الهيئة الحكومة للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد". ووقع على الاتفاق وقتها، كل من سلفاكير وزعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، بالاضافة إلى ممثلي فصائل المعارضة الأخرى.

وتعاني دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء شعبي عام 2011، من حرب أهلية منذ أواخر 2013، اتخذت بعدًا قبليًا، وخلفت نحو 10 آلاف قتيل، ومئات آلاف المشردين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ريك مشار: لن نشارك في حكومة الفترة الانتقالية!

جنوب السودان.. صراع متجدد في دولة هشة

 

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert