معركة كرري.. حين صعد السودانيون جبال البسالة
2 September 2022
في مثل هذا اليوم وقبل (124) عامًا، كان خليفة المهدي حاكم أول دولة سودانية مستقلة عبد الله التعايشي، يحفز جنوده من أجل خوض معركة الكرامة ضد جيوش الغزاة بقيادة اللورد كتشنر. في معركة "كرري" أخبر الرجل أنصاره يومها قائلًا "لا نصر ولكننا سنقاتل".
دارت أحداث معركة كرري في صبيحة الثاني من أيلول/سبتمبر من العام 1898 بين قوات المهدية السودانية والقوات البريطانية التي ساندتها قوات مصرية في منطقة كرري شمال أم درمان عاصمة الدولة المهدية. وكان قوام القوات المهدية (60) ألف جندي وتعداد الجيش الإنجليزي المصري حوالي ستة آلاف جندي مسلحين بالمدافع الرشاشة والأسلحة الأوتوماتيكية الحديثة تدعمهم البواخر الحربية.
كل قذيفة انطلقت يومها خلّفت عشرات القتلى دون أن يمنع ذلك اندفاع أنصار المهدي
بدأت المعركة في الساعة السادسة صباحًا وشن أنصار المهدي هجومًا شاملًا على القوات المحتلة، ولم يستطع أي جندي سوداني الوصول لمعسكر الغزاة وذلك لكثافة النيران. في تمام الساعة الثامنة صباحًا أي بعد ساعتين من بداية المعركة أمر كتشنر بوقف إطلاق النار بعد سقوط أكثر من (18) ألف قتيل من الأنصار إضافة إلى أكثر من (30) الف جريح. وانتهت المعركة بانسحاب الأنصار إلى غرب السودان ودخول كتشنر أم درمان عاصمة الدولة المهدية. وحسم السلاح الناري المعركة لصالح الجيش الغازي الذي أستخدم مدافع "المكسيم" الرشاشة.
"الرجال ماتوا في كرري"
جرت هذه العبارة على ألسنة السودانيين وهم يصفون تفاصيل ما حدث يومها من بسالة منقطعة النظير واجه بها السودانيون "المذبحة". وفيما عدا بضعة آلاف يحملون البنادق؛ كان الأنصار جميعهم مسلحين بأسلحة بدائية من القرون الوسطى، وبعض الأمراء كانوا يلبسون الدروع الحديدية. الجنود على الأقدام والأمراء على الخيول والجمال، جميعهم اندفعوا صوب جبال كرري الشاهقة، بصدق وفدائية، "في شان الله .. في شان الله" كما رددوا. وهنا صدر الأمر الملكي بفتح نيران البوارج ورشاشات المكسيم على جيوش المهدية، وبدأت المذبحة.
كل قذيفة انطلقت يومها خلّفت عشرات القتلى، دون أن يمنع ذلك اندفاع الأنصار، ينافحون دون جدوى لإطلاق ذخيرتهم القديمة الرَّديئة عديمة الأثر، يضربون الطبول ويلوحون بالأعلام ويكبرون كأنه عرس تخضبت له الأرض بالدماء، حتى إن الأمير الشَّهيد إبراهيم الخليل، مضى يشق الصفوف من فوق جواده، شاهرًا عبارته الخالدة: "الخـيرة في ما اختار الله، نصرة ما في، إلا نِحنا قدَّنا بنسدُّو".
سد فرقة الموت
يومها كان كلما سقط صف من الأنصار ردد الذي من خلفه "سدوا الفرقة". كان الموت كوراليًا يشبه شجاعة من سعوا إليه، وكان بالنسبة للأنصار الذين يرتدون الجلاليب "المرقوعة" متعددة الألوان؛ قمة النصر الذين يسعون إليه: الموت فداء الدين والوطن.
سدوا يومها فرقة الموت من أجل أن يخلدوا في الحياة كأكثر الرجال شجاعة وبسالة؛ بسالة جسدها فنان السودان الأول الراحل محمد وردي حين أنشد "كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية".
فقد الأنصار في معركة كرري أكثر (26) ألف رجل ما بين قتيل وجريح، أي نصف الجيش المقاتل، استلقى البعض منهم بهدوء واضعين أحذيتهم تحت رؤسهم في مواجهة الموت المُحدق، والبعض الآخر استشهد وهو يصلي وأرجله مقيدة حتى لا تنطلق أقدامه هاربة، وكثير منهم واجهوا الرصاص مُقبلين غير مُدبرين، وهذا دليل شجاعة ساحقة، لكنه أيضًا يضمر تخلفًا عن مواكبة المعارك الحديثة والجيوش النظامية، إذ أن الشجاعة وحدها ليست كافية في مواجهة النيران الهائلة للإمبراطورية البريطانية.
اعتراف الأعداء
يحدث التاريخ السوداني عما يزيد عن الأربعين ألفًا من الشجعان، عرفوا كيف يسدون "فرقة الموت" ويستشهدون على طريقتهم الخاصة، التي تدفع الأعداء للاعتراف بحقهم على لسان كاتب حرب النهر ونستون تشرشل: "هؤلاء أشجع رجال قابلناهم.. لم نهزمهم ولكنا قتلناهم".
وكتب المراسل الحربي الذي رافق الحملة جي. دبليو. ستيفنس: "إن جاز لي اليوم أن أقول قواتنا قد بلغت الكمال فلا بد لي أن أعترف بأن المهدويون بروعتهم فقد فاقوا حد الكمال، لقد كان جيش السودانيين في كرري من أعظم وأشجع الجيوش التي حاربتها طوال مواجهتنا الطويلة في حروب المستعمرات… كلما تساقط قتلاهم بمدافع المكسيم كانوا يجمعون صفوفهم و يتقدمون نحونا بجسارة فائقة... نعم كانت كرري هي آخر أيام المهدية؛ ولكنها كانت بحق أعظمها على الإطلاق".
غربت شمس المهدية وبقيت كرري
بنهاية المعركة غربت شمس المهدية بينما بقيت كرري تحدث عن رجال وعن دماء روت أرض "البقعة"، وعن شجاعة وبسالة وثبات في مواجهة أعتى أسلحة التدمير، وهو ما يعتبره السودانيون المشهد الباعث على الفخر بالانتماء لإرث أولئك البشر، بغض النظر عن مآلات المعركة الختامية. نعم يومها هزمت الثورة المهدية، ولكن انتصر الرجال لثباتهم، وواصلوا المقاومة وانتصروا بالموت على حياة الظلم.
يمكن أن تعقد مقارنة بين جندي يندفع نحو مدفع المكسيم وهو يردد "سدوا الفرقة" وقتها، وبين صورة لأحد حراس المتاريس في ثورة ديسمبر
وللتأكيد على أن كرري ما تزال حية في السودانيين منذ الأزل؛ يمكن أن تعقد مقارنة بين جندي يندفع نحو مدفع المكسيم وهو يردد "سدوا الفرقة" وقتها، وبين صورة لأحد حراس المتاريس في ثورة ديسمبر وهو يردد "الترس دا ما بنشال الترس دا وراه ثوار" لتجد نفس ملامح البسالة والشجاعة.
الكلمات المفتاحية

"الكاف" يرفض إقامة مباريات الهلال السوداني والأهلي المصري في ليبيا
رفض الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "الكاف"، طلب نادي الهلال السوداني باعتماد ملعب "شهداء بنينا" في بنغازي لاستضافة مباراة الرد ضد الأهلي المصري، في إياب دوري مجموعة أبطال أفريقيا مطلع نيسان/أبريل 2025.

تقاليد رمضان السودانية.. كيف تصمد في دول المهجر؟
تقاليد رمضان السودانية جزء أصيل من الهوية السودانية، ولا يمكن تصور أن يمر الرمضان على السوداني دون أن يشم رائحة الآبري أو يحضر الرقاق لتناول سحور مميز

"اليقين" زاد السودانيين في الشهر الفضيل
النساء السودانيات عميقات التدين بطبعهن، وكأنهن يرضعن تلك الميزة أمًا عن جدة، محافظات على صلاوتهن وأورادهن وكثيرات الصوم تطوعًا وفي أيام المناسك المتعددة. وأكاد أجزم إن في كل أسرة سودانية تكون المرأة "الأم – الأخت" هي المحفز الأول للصغار على تعلم الصوم، والصبر على الجوع والعطش، لاسيما في أجواء السودان الساخنة.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.