رأي

ما السبب وراء التدافع الدولي على السودان؟

7 فبراير 2023
علم السودان - احتجاجات_0.jpg
(Getty) احتجاجات رافضة للحكم العسكري في السودان
عامر صالح
عامر صالحصحفي من السودان

تحدثت في وقت سابق عن التدافع الإقليمي والدولي المتسارع على السودان في الفترة الماضية. وتبدى هذا التدافع بصورة أكثر حدة في الشهرين الأخيرين مع اقتراب انتهاء العملية السياسية المبنية على الاتفاق الإطاري الموقع عليه بين المكون العسكري ومجموعة من القوى السياسية أبرزها مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير التي كان قد أطاح بها انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 الذي نفذه المكون العسكري نفسه الذي وقعت معه أطراف الإطاري في كانون الأول/ديسمبر 2022، وتمضي معه في عملية سياسية تواجه تحديات حقيقية على هشاشتها الشديدة هذه المرة، والمتمظهرة في انقسام المدنيين وآثار فترة الحكم الانتقالي الماضية (2019 - 2021) على ثقة الشارع بقوى إعلان الحرية والتغيير التي كانت تحظى بتأييد كبير في فترة الثورة السودانية، وفقدت جزءًا مقدرًا منه نتيجة للأزمات التي واجهتها في الحكم، وعجزها عن تحقيق تطلعات شرائح واسعة من المحتجين، في ظل شراكة متعثرة مع العسكريين، لم تكن محل إجماع من السودانيين عقب مجزرة فض الاعتصامات في العاصمة والولايات في حزيران/يونيو 2019.

ما يحدث اليوم في الخرطوم يشبه تفاصيل قبيل فض الاعتصام والنكوص عما وصلت إليه مفاوضات القوى المدنية مع العسكريين وقتها

وتزداد التحديات التي تواجه العملية السياسية في مرحلتها النهائية في ظل مقاطعة مجموعات كبيرة لها، أبرزها قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) التي انخرطت بدورها في حوارها الخاص ضمن مبادرة القاهرة التي قاطعتها أطراف الإطاري بعد أن وصفتها بأنها "منبر للثورة المضادة". وتضم الكتلة الديمقراطية حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان ومشاركة في السلطة الحالية ضمن استحقاقات الاتفاقية، وأهمها حركة جيش تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، ما يزيد من هشاشة الإطاري الذي يبدو أنه يمر بلحظة حرجة نتيجة للتطورات الأخيرة، وذلك على الرغم من الدعم الغربي الظاهري الذي يحظى به.

ويقاطع الاتفاق الإطاري ومبادرة القاهرة معًا، تحالف قوى التغيير الجذري الذي يضم مجموعة من التنظيمات السياسية والأجسام أبرزها تجمع المهنيين السودانيين (السكرتاريا المنتخبة) والحزب الشيوعي السوداني. ويدعم هذا التحالف الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب وإسقاط الانقلاب عبر تكوين جبهة عريضة لقيادة العمل المقاوم السلمي دون التفاوض أو الشراكة مع العسكريين.

https://t.me/ultrasudan

وفي ظل هذا التشظي تحط طائرات قادة الدول والمبعوثين الدوليين ووزراء الخارجية وحتى رؤساء المخابرات في الخرطوم، في تدافع محموم، لم يكن السبب الرئيس خلفه فقط موقع السودان الجيوسياسي المهم والاستقطاب الحاد الذي يشهده الإقليم والمجتمع الدولي كل على حدة، إلى جانب أزمة سد النهضة - وإنما أيضًا تدافع الأطراف السودانية نحو العواصم في المنطقة والعالم، حتى ولو كانت "تل أبيب".

الموسم اليوم أيضًا مفتوح في الخرطوم، وكالعادة هي من فتحت أبوابها في البدء ووزعت الدعوات، وهو يشبه إلى حد كبير المشهد المكرر في منعطفات ما بعد الثورة قبل فض الاعتصام وقبيل انقلاب 2021. وكانت الخرطوم في كل تلك المرات محطة لطائرات الدول والمخابرات والطائرات الخاصة، ليتغير المشهد السياسي في السودان بعدها بساعات بما يتوافق مع التوازنات الجديدة ومساحة الحركة التي اقتلعها الطرف المستقوي بالوفود الدولية.

ما يحدث اليوم يشبه تفاصيل قبيل مجزرة "فض الاعتصام" والنكوص عما وصلت إليه مفاوضات القوى المدنية مع العسكريين، حين تكثفت الزيارات الخارجية وتصريحات قادة المجلس العسكري الانتقالي نتيجة للضغط الذي واجهوه للتخلي عن السلطة. وكانت أهم محطات تلك الزيارات مصر والسعودية والإمارات، وتكررت القصة نفسها قبيل إجراءات تشرين الأول/أكتوبر 2021 التي شهدت تصعيدًا مشابهًا في التصريحات ووفودًا إسرائيلية وزيارات مصرية تزامنت مع الانقلاب.

المشهد اليوم يشبه ذلك إلى حد بعيد، فبمجرد مغادرة طائرة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، تغيرت النبرة التوافقية في الخرطوم، وصرح المكون العسكري بعدها مباشرةً بأن الاتفاق الإطاري لن يمضي كما تريد قوى الحرية والتغيير، وأنه يجب فتحه وتعديله بما يضمن إشراك أكبر قدر من القوى السياسية، وهو أمر لا ترفضه مجموعة المجلس المركزي، ولا حتى الآلية الثلاثية الميسرة للعملية السياسية، ولكن وفق شروط ترى الحرية والتغيير أنها ضرورية لعدم إغراق الاتفاق بقوى صورية أو مجموعات تدعم الانقلاب وتقف ضد التحول المدني الديمقراطي في السودان أو تأتي بفلول النظام الذين ما يزالون يتمتعون بمساحة حركة واسعة من مواقعهم في شتى مفاصل الدولة والمجتمع السوداني.

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قد صرح في تموز/يوليو 2022 بانسحاب الجيش من العملية السياسية، وهو ما طفق يؤكده في كل سانحة منذ ذلك الوقت، ولكن تحركات المجلس في كل مرة تقول عكس ذلك، خاصةً التصريحات الأخيرة عقب زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي والوفد المرافق له، وأيضًا تدشين ورشة القاهرة ضمن المبادرة المصرية.

التصريحات الأخيرة لأعضاء المجلس العسكريين المنتقدة لمجموعة الإطاري عقب التقارب الذي كان سائدًا منذ التوقيع عليه في كانون الأول/ديسمبر الماضي، توحي بتغيرات جديدة في الساحة، وتزيد من الشكوك الشعبية تجاه نجاح العملية السياسية في إنهاء الأزمة الناجمة عن الانقلاب أو تحقيق مطلب الشارع في مدنية الدولة، وهي شكوك لها ما يعززها في انقلابات نفس المجموعة في 2019 و2021، وتسارع الأحداث عند الاقتراب من التوصل لاتفاق - المطابق لما يحدث الآن.

ومن المهم في هذه العجالة الإشارة إلى التعميم الصحفي لأحد أهم الداعمين للاتفاق الإطاري، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو -بالتزامن مع زيارة كوهين- الذي قال فيه إنه لم يكن على علم بزيارة الوفد ولم يلتق به. ويمكن قراءة ذلك مع تصريحات عضو السيادي الفريق أول كباشي اللاحقة بضرورة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة لتكوين جيش وطني "بعقيدة واحدة".

تصريحات كوهين نفسه عقب الزيارة توضح أن للعسكريين رأي آخر ونية في الاستمرار في السلطة؛ فوزير خارجية الكيان أكد في مؤتمر صحفي عقب زيارته إلى الخرطوم، أن الأيام المقبلة حبلى بمزيد من التطبيع بين السودان وإسرائيل، ينتهي بتوقيع الخرطوم على اتفاقات أبراهام في "تل أبيب".

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert