رأي

ما الذي سيحدث إذا نجح الرعاة في وقف إطلاق النار في السودان؟

16 أكتوبر 2023
آثار الحرب.jpg
(Getty)
محمد حلفاويصحفي سوداني

من المهم النظر بعين الاعتبار إلى أن الأمور في السودان لن تسير كما هي عليه طويلًا؛ أي أن المجتمع الدولي لن يسمح بحرب بلا نهاية بين الجيش والدعم السريع، والتي تستمر منذ ستة أشهر مخلفة تشريد الملايين ومقتل الآلاف وتدمير البنى التحتية بالعاصمة الخرطوم، حيث فقد على إثرها الاقتصاد المحلي نحو تريليون دولار - بحسب تقارير.

على الرغم من أن وقف الحرب مكسب كبير، لكن تبقى الأهمية لقوة الطبقة السياسية ووحدتها نحو التحول الديمقراطي والحكم المدني

وفي حال وصول الطرفين إلى منبر جدة لبدء محادثات حول وقف إطلاق النار، فإن أقوى السيناريوهات المتوقعة عقب نجاح هذه العملية التي تتم برعاية سعودية أميركية هو أن يعود الوضع العسكري والأمني بالنسبة للطرفين على ما كان عليه قبل اندلاع الحرب في منتصف نيسان/أبريل الماضي؛ مثل احتفاظ الجيش بمواقعه وقواعده العسكرية ما قبل الحرب، بينما تعود قوات الدعم السريع إلى معسكراتها حول العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى كما كانت.

في ذات الوقت فإن هناك سيناريوهات أخرى ربما تعد "قاتمة" مثل احتفاظ كل طرف بمواقعه التي كسبها عقب الحرب وحتى تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار في منبر جدة، وهذا الخيار قد يجعل الدعم السريع منتشرًا في كافة أنحاء العاصمة بينما يحتفظ الجيش بقواعده المعروفة في الخرطوم والولايات.

وفيما يمكن التكهن بأن عملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش الموحد ستواجه بعراقيل متعددة، لكن مكسب توقف الحرب لا يعلو عليه التشاؤم من القادم بقدر ما أن الوصول إلى جيش واحد قد يكون مطلبًا أساسيًا حال توفر عملية سياسية واعدة وقوية.

ومن بين التوقعات القوية والمتشائمة في ذات الوقت لدى غالبية الفاعلين في الشأن السياسي في السودان، أن الجنرالين ربما يكونان ضمن المشهد السياسي ما بعد الحرب، لكن هذا هو خيار المجتمع الدولي الذي يرى أن إبعادهما وعزلهما قد يطيل أمد الحرب، لكن يبقى السؤال عما إذا كانا على استعداد لتسليم السلطة إلى المدنيين ومغادرة السلطة السياسية أو المثول أمام العدالة في الانتهاكات التي وقعت أثناء الاقتتال.

من الناحية النظرية وارد جدًا القبول بما جاء على ديباجة الاتفاق المحتمل، لكن من الناحية التكتيكة وقرائن الأحوال ربما يمكن التوقع أنهما قد يلجآن إلى مناورات جديدة تتركز على صنع حلفاء جدد من الطبقة السياسية، خاصة مع وجود تيارات سياسية لديها القدرة على التحرك فوق الرمال.

بانر الترا سودان

هذا الوضع الشائك والتكهنات المرعبة في سودان ما بعد الحرب وخلال الفترة الانتقالية الجديدة المتوقعة، ربما يقود إلى ولادة توترات أمنية بين الطرفين، خاصة وأن السودان شهد من قبل فترات ما بعد الحرب مع الحركة الشعبية بقيادة الزعيم الراحل جون قرنق وخلال اتفاقات السلام مع الحركات المسلحة في إقليم دارفور.

لذلك من بين المقترحات الموضوعة على طاولة الوسطاء في منبر جدة حسب التكهنات الواردة من هناك، أن يتم صنع مناطق عازلة بين الطرفين المتحاربين عبر قوات دولية لديها علاقة مرنة مع السودان، أي أن تكون قوات غير مرفوضة من السلطة القائمة ومن الطرفين المتحاربين.

هناك نماذج في دول الجوار خاضت حروب داخلية وأبرمت اتفاقات سلام، مثل جنوب السودان العام 2017 وإثيوبيا في العام 2022، حيث كانتا  بمنأى عن القوات الدولية وتمكنتا من الصمود والمضي إلى الأمام في دفع الاتفاق السياسي بين الأطراف المتحاربة في حدود عدم انهيار الوضع الأمني، لذلك فإن إرادة الطرفين المتحاربين في تنفيذ أي اتفاق محتمل لوقف النار ربما تبعد السودان من القوات الدولية. وهي مقترحات أولية وليست نهائية، كما يقول المراقبون.

كما أن "ميكانيزمات"  تقوية اتفاق وقف النار يعتمد بالدرجة الأولى على "وعي وتماسك الطبقة السياسية" التي ربما تنخرط في عملية سياسية لتكوين حكومة مدنية تتمكن من معالجة الوضع الأمني، بينما حتى هذه اللحظة الملاحظ بوضوح خلافات بين الأطراف السياسية خاصة الكتل والتحالفات المؤثرة خلال الفترة الانتقالية قبل الحرب.

ربما يحقق طي الخلافات بين قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" والكتلة الديمقراطية بعض الاختراق السياسي في فترة ما بعد الحرب، أو قبل ذلك في إيقافها، لكن هذا مرهون بمدى التنازلات المقدمة من الطرفين. ومن الصعوبة ضمان عودة التحالف بينهما، لذلك فإنه ربما لن يجدي وضع التفاؤل حيال هذا الأمر. وربما يحتاج السودانيون إلى طبقة سياسية لديها القدرة على استيعاب التعقيدات والأزمات وضرورة تقديم التنازلات المؤلمة من أجل التحرك إلى الأمام.

وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي أبدى اهتمامًا بائنًا في بداية الحرب، لكن عجزه عن إيقافها يضع ظلال الشك عما إذا كان قادرًا على حماية وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين، خاصة مع مصالح الدول الإقليمية ودول الجوار، وضعف الطبقة السياسية داخليًا وتعويلها على مجتمع دولي عاجز تمامًا عن حماية المدنيين في السودان خلال الحرب، بسبب تخليه عن الضغوط والأدوات المعروفة في هذا الصدد.

يحتاج السلام في السودان إلى طبقة سياسية لديها قدرة عالية جدًا للاستثمار في التناقضات الموجودة بين الطرفين المتحاربين

باختصار يحتاج السلام في السودان إلى طبقة سياسية لديها قدرة عالية جدًا للاستثمار في التناقضات الموجودة بين الطرفين المتحاربين، وشراء المستقبل عبر سلسلة تنازلات، مع الوضع في الاعتبار صنع مشروع وطني بدلًا عن وضع انتقالي تشوبه الاتهامات والرد عليها.

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert