رأي

لمن الغلبة؟ تداعيات سقوط الفرقة 16 وضرب جسر "شمبات"

15 نوفمبر 2023
جسر شمبات.png
كان جسر شمبات يمثل أهمية إستراتيجية كبرى للدعم السريع بحسب خبراء عسكريين (ألترا سودان)
منصور الصويم
منصور الصويمكاتب من السودان

تضعنا المعارك العنيفة الدائرة الآن بين الجيش السوداني والدعم السريع في العاصمة الخرطوم، أمام سؤال حاد ومقلق يتعلق بطبيعة الحرب الدائرة في السودان، فالخرطوم العاصمة عادت مرة أخرى لتصبح المركز الرئيس للصراع، فما يحدث خارجها لا يحقق النصر الشامل والكاسح لأي من القوتين المتحاربتين.

الجهتان المتصارعتان بالسودان ترميان بكل ثقلهما الحربي في المعركة الأخيرة الحاسمة والقاضية، ومن ينتصر فيها سيحسم تلقائيًا نتائج كل المعارك الأخرى

عقب سقوط الفرقة (16) التابعة للجيش بنيالا وسقوط المدينة بأكملها –من بعد– بأيدي الدعم السريع، سارع الكثيرون إلى القول إن الحرب في سبيلها إلى الانتهاء، لا سيما بعد التداعي السريع لبقية المناطق العسكرية المنتشرة في ولايات دارفور، فحاميات "زالنجي" و"الجنينة" و"كاس"، وقبلها "أم دافوق"، ومناطق أخرى في الإقليم الشاسع جميعها صارت تحت سيطرة الدعم السريع، مما يشير إلى فرضية انتقال "متتالية السقوط" إلى إقليم كردفان المتاخم لدارفور، ووضع مدينة الأبيض الإستراتيجية عسكريًا على قمة هذه الاحتمالات، فالمدينة محاصرة منذ أشهر وبها أحد أهم المطارات العسكرية، وسقوطها صار وشيكًا، لكن ما حدث عكس ذلك تمامًا، إذ انتقلت أو بالأحرى عادت حدة المعارك فجأةً إلى العاصمة الخرطوم، وتوج ذلك التحول التركيزي بضرب أحد أهم الجسور الرابطة بين أجزاء العاصمة "المسلحة" وتحييده.

ما هي الأهمية الكبرى التي يمثلها جسر "شمبات" للدعم السريع، بعد استيلائها على مدينة نيالا وأجزاء واسعة من إقليم دارفور تمتد إلى الحدود مع الجارة تشاد التي يرجح انحياز حكومتها إلى محاربي الدعم السريع، بل بات في حكم المؤكد، فإمداد هذه القوات العسكري واللوجستي وعلى مدار هذه الأشهر العديدة منذ اندلاع الحرب العنيفة لا يمكن أن يصل إليها إلا في ظل مساندة إقليمية تتيح مرونة الحركة برًا وجوًا، وهو ما نجد تفسيره فيما يشاع عن قاعدة "أم جرس" التشادية التي خُصصت –فيما يبدو– لإنجاز هذه المهام اللوجستية الحرجة. إذن، الطريق مفتوحة غربًا وإلى تشاد، والمدن والحاميات تساقطت، وصار الجزء الأكبر من السودان جغرافيًا تحت سيطرة الدعم السريع، نظريًا أو واقعيًا؛ نعم يدور حديث عن الدور الخطير الذي يمكن أن يضطلع به طيران الجيش في خلخلة هذه القوات وإضعافها، وجعل هذا الوضع رهن الغارات المباغتة والمزعزعة باستمرار لصمود هذه القوات! لكن بقراءة أخرى موازية، سنجد أن طيران الجيش –رغم خطورته– فشل طوال أشهر الحرب الماضية في إلحاق الهزيمة بالدعم السريع أو على الأقل تشتيت قواتها المتدافعة في كل يوم في كل اتجاه، فهل بإمكاننا القول إن الحرب انتهت عمليًا عند تخوم دارفور، وأن ما يجري بعدها لا يمكننا قراءاته إلا في إطار إستراتيجيات التفاوض؟ أم الأمر دون ذلك ومفتاح قراءته الصحيحة يكمن في ضرب جسر "شمبات"!

https://t.me/ultrasudan

أنكر الجيش السوداني علاقته بضرب جسر "شمبات"، متهمًا الدعم السريع بذلك، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته قوات الدعم السريع، بإدانتها ضرب الجسر وتوجيه الاتهام إلى الجيش.

من المستفيد من ضرب جسر "شمبات"؟ ومن الذي كان مستفيدًا من وجود الجسر ­–­خلال المعارك– قبل تعرضه للضرب والتخريب؟ تكمن الإجابة في استعادتنا لأحوال الحرب منذ بداية انطلاقتها قبل سبعة أشهر وإلى هذه اللحظة التي تدور فيها المعارك العنيفة والدامية في جنوب الخرطوم (منطقة جبل أولياء تحديدًا)، وفي أجزاء واسعة من مدينة أم درمان القديمة وامتدادات المدينة الجديدة المختلفة، أي في المدار الأولي لانطلاقة الحرب، متجاوزًا كل المسارات الأخرى التي تشير جغرافيًا إلى الغرب.

جسر "شمبات" بالخرطوم بعد تدميره جزئيًا
كان جسر "شمبات" يمثل أهمية إستراتيجية كبرى للدعم السريع بحسب خبراء عسكريين

لنعد إلى مدى أهمية جسر "شمبات" ما قبل الضربة وما بعدها. فإذا بدأنا بحالة ما قبل الضربة، سنجد أن الجسر ومنذ الأيام الأولى للحرب صار خارج نطاق سيطرة الجيش، إذ استحوذت عليه من جهتيه (بحري وأم درمان) قوات الدعم السريع التي نجحت منذ اشتعال الشرارة الأولى للحرب في السيطرة الكاملة على أجزاء واسعة من منطقتي بحري وشرق النيل، وصارت هذه المنطقة بامتدادها الجغرافي المتسع الموقع الرئيس لتمركز هذه القوات. كما نجد أن هذه القوات ومنذ اليوم للحرب استطاعت أن تستحوذ على منطقة أم درمان القديمة (الإذاعة والأحياء السكنية التاريخية في أم درمان)، وهي المنطقة المتاخمة لجسر "شمبات" من جهة أم درمان. إذن الجسر وطوال هذه الأشهر كان تحت أيدي الدعم السريع، وكان منفذها الوحيد بين المدينتين (أم درمان وبحري)، ما يعني أيضًا أنه المنفذ والطريق الأول والأسلم لهذه القوات من أرض المعارك بالخرطوم إلى الغرب (دارفور وكردفان)، وما يعنيه ذلك من إسناد بشري (مليشي)، من هناك ومن تشاد (أم جرس)، وما يعنيه ذلك من دعم لوجستي وعسكري. هل تمثل سلامة الجسر أي أهمية (حربية) للجيش؟ لنترك الإجابة وننظر إلى المستفيد من ضرب الجسر وتحطيمه، أي ما بعد الضربة، وسنكتشف بسهولة أن الجيش هو المستفيد الأوحد، لأنه وببساطة شديدة سيحقق في حالة غياب الجسر انتصارًا نوعيًا بعزل قوات الدعم السريع (الكبيرة) المنتشرة في منطقة بحري عن قواتها الأخرى (النوعية) المنتشرة في أم درمان (القديمة والحديثة)، والأهم من ذلك قطع الطريق أمام هذه القوات وعزلها عن معينها اللوجستي غربًا في "أم جرس" البعيدة. لست معنيًا هنا بتحديد المسؤولية عن ضرب الجسر، بقدر ما أرمي إلى توضيح أن المعركة عادت من حيث بدأت، إلى الخرطوم، فهل نجد في ذلك تفسيرًا لنهاية الحرب المحتملة خارج غرف التفاوض المغلقة في جدة؟

ما بعد سقوط مدينة نيالا –الفرقة (16) مشاة– وضرب جسر "شمبات"، وما بينهما من حريق كبير، تصل الحرب في السودان إلى أوج احتدامها، وتصل نيرانها إلى ذروة حريقها الجهنمي المهلك، وتقترب النهاية رويدًا رويدًا. فالجهتان المتصارعتان ترميان الآن بكل ثقلهما الحربي في ما يمكن أن نصفه بالمعركة الأخيرة الحاسمة والقاضية، ومن ينتصر فيها سيحسم تلقائيًا نتائج كل المعارك الأخرى الموازية، ذات النصر الكبير، أو الهزيمة الأكبر.

بدأت الحرب في الخرطوم وتشهد الخرطوم الآن نهايتها الكبرى والمدمرة.

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert