راصد

قانون الجرائم الإلكترونية في السودان.. وراء المعارضة في كل مكان

17 ديسمبر 2018
3950a5c4-3424-4d4a-ab21-3b8d711f29d2_16x9_788x442.jpg
يتخوف معارضون سودانيون من استخدام قانون الجرائم الإلكترونية ضدهم (تويتر)
عزمي عبد الرازق
عزمي عبد الرازقكاتب وصحفي من السودان

يُعتبر السودان من الدول التي انتبهت مبكرًا إلى ضرورة إقرار سن قانون للجرائم الإلكترونية، تحت مبرر مواكبة الطفرة التقنية بما يلجمها، حماية للدولة والمجتمع، وقد أجيز القانون السوداني رسميًا في العام 2007، وأدخلت عليه تعديلات في العام الماضي، أثارت العديد من المخاوف من استغلال النسخة الجديدة في قمع ومطاردة الناشطين والأصوات الناقدة للنظام الحاكم.

تنظر بعض الآراء إلى أن الحكومة السودانية وجدت ضالتها في قانون الجرائم الإلكترونية المعدل في عام 2017، ووظفته بصورة مقصودة في ملاحقةالناشطين و المعارضين

شددت التعديلات على قانون "جرائم المعلوماتية" السوداني المخصص لمواجهة الجرائم الإلكترونية، على العقوبات وإفراد مواد خاصّة بالمعلومات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإيلاء الاهتمام بحماية الأطفال والقصر تقنيًا. وإحكامًا للعمل بالقانون تم إنشاء شرطة ونيابة ومحكمة لجرائم المعلوماتية شرعت في تلقي البلاغات والتحقيق فيها.

خنق حرية الفضاء الحُر

تنظر بعض الآراء إلى أن الحكومة السودانية وجدت ضالتها في قانون الجرائم الإلكترونية السوداني المعدل في عام 2017، ووظفته بصورة مقصودة في ملاحقة المعارضين لها والناشطين، تحديدًا من فئة الشباب، مما تسبب في تضييق وخنق الحريات في هذا الفضاء.

اقرأ/ي أيضًا: الحركة الطلابية في السودان.. هروب من السياسة إلى العمل الأهلي

في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، فوجئ الناشط السوداني هشام "ود قلبا" بقوات الأمن السعودية وهي تقتحم مسكنه بمدينة جدة الساحلية، وعلى الفور ألقت القبض عليه وصادرت متعلقاته الإلكترونية، دون إشهار أي مذكرة اعتقال وتفتيش، ليقبع الرجل الذي كان ناشطًا في وسائل التواصل الاجتماعي ضد نظام الرئيس عمر البشير، لنحو عام تقريبًا في سجون المملكة قبيل ترحيله قسرًا وتسليمه إلى السلطات السودانية، ولهذه الواقعة غالبًا صلة تعاون وتنسيق بين الخرطوم والرياض في قضايا جرائم المعلوماتية.

تضمن قانون جرائم المعلوماتية السوداني الذي أجازه البرلمان رسميًا موادًا رادعة تصل إلى الجلد أربعين جلدة والسجن لنحو سبع سنوات، أو العقوبتين معًا في بعض القضايا.

ويعاقب مشروع القانون الجديد كل من يستخدم شبكة المعلومات، أو الاتصالات، أو أي تطبيقات إلكترونية، لنشر أفكار أو أفعال أو أقوال مخالفة للنظام العام، أو الآداب، أو الترويج لها، بجانب أحكام التنسيق بين قانون الصحافة المقترح وقانون الجرائم الإلكترونية، حيث اعتبر قانون الصحافة الجديد أنّ النشر في الإنترنت على اختلاف المنصّات يقع ضمن الجرائم الإلكترونية تحت فئة "نشر الأخبار الكاذبة"، كما استخدم عبارات فضفاضة "أثارت المخاوف خصوصًا بين الصحافيين، كونها تقيّد حرّية التعبير والحرّيات الصحافية والنشر الإلكتروني"، وفقًا لإفادات بعض الناشطين.

وأشارت أحكام القانون إلى أنه يعاقب أصحاب الجرائم المنصوص عليها، إذا ارتكبت كليًا أو جزئيًا داخل أو خارج السودان أو امتد أثرها داخل البلاد. وفي الفصل السابع يتحدث قانون الجرائم الإلكترونية عن التحريض أو الاتفاق أو الاشتراك، بالقول إنه "يعد مرتكبًا جريمة التحريض كل من حرض أو ساعد أو اتفق أو اشترك مع الغير على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وإن لم تقع الجريمة يعاقب بنصف العقوبة المقررة لها"، وإذا وقعت نتيجة لذلك التحريض يعاقب المحرض بذات العقوبة المقررة لها.

ويعني القانون بكلمة "المعلوماتية" نظم وشبكات ووسائل المعلومات، والبرمجيات والحواسيب والأنشطة المتعلقة بها، وينص على إيقاع العقوبة على كل من يتنصت لأي رسائل عن طريق شبكة المعلومات أو أجهزة الحاسوب وما في حكمها، أو يلتقطها أو يعترضها، دون تصـريح بذلك من النيابة العامة أو الجهة المختصة أو الجهة المالكة للمعلومة، حيث يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معًا، فضلًا على أن كل من يستخدم شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب أو ما في حكمها، لإشانة السمعة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معًا.

دوافع تشريع قانون الجرائم الإلتكرونية

كان الدافع لتشريع قانون خاص بالجرائم الإلكترونية "كثرة البلاغات والشكاوى المتعلقة بالاستخدام السيئ والسالب للتقنيات الحديثة"، وفقًا للدكتور أمين علي الخبير في مجال المعلوماتية، بجانب المواكبة مع التشريعات الدولية التي أصبحت تجرم التعامل غير اللائق مع هذه التقنيات والأفراد الذين يستخدمونها.

اقرأ/ي أيضًا: صحف السودان.. ما يريده الأمن!

وأشار أمين في حديثه لـ"ألترا صوت"، إلى أن معظم الجرائم الإلكترونية في السودان تتراوح بين الابتزاز والاحتيال الإلكتروني وانتحال الشخصية وإشانة السمعة على شبكات التواصل الاجتماعي، إضافة لنشر الخصوصيات من غير رضاء أصحابها، وكذلك ظهور شكاوى الاستخدام السيئ لتطبيقات المحادثة مثل تبادل الشتائم على حد وصفه، معتبرًا أن وجود هذا القانون يعد شيئًا مهمًا، حتى يجد المتضرر وسيلة لنيل حقوقه، ويجد المجرم العقاب المناسب، كما أن "الجريمة الإلكترونية تحتاج إلى تقنيات فنية هائلة لإثبات حدوثها وتتبع مرتكبيها".

اعتبرت بعض قوى المعارضة السودانية أن قانون الجرائم الإلكترونية بشكله الجديد يهدد بملاحقة المعارضين داخل وخارج السودان، ويحد بصورة كبيرة من حرية التعبير

مع ذلك، فقد اعتبرت بعض قوى المعارضة أن القانون بشكله الجديد يهدد بملاحقة المعارضين داخل وخارج السودان، ويحد بصورة كبيرة من حرية التعبير، كما أنه يمكن الحكومة من السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية، فضلًا على أن صدور مشروع القانون من وزارة الاتصالات وليس وزارة العدل يعكس رغبة حكومية في الالتفاف على الحقوق.

 إلا أن الحكومة دافعت عن هذا القانون، واعتبرت أنه يهدف إلى حماية المجتمع في المقابل، وقالت وزيرة الاتصالات تهاني عطية، إن "القانون يعمل على مكافحة وحماية المعلومات أكثر من المعاقبة"، ولفتت إلى أن دافع إضافة بنود في القانون هو السيطرة والتمكين في مكافحة الجرائم والإرهاب الإلكتروني، وهي مع ذلك، كلها مصطلحات فضفاضة، يتخوف الناشطون من استخدام تأويلاتها لقمعهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قانون جديد للصحافة السودانية.. إعصار ضد الحريات

صحافة السودان.. آه يا أمن

الكلمات المفتاحية

احتفالات المواطنين.png

السودان.. احتفالات واسعة باستعادة سيطرة الجيش على مدني

صخب كبير سيطر على معظم مدن السودان جراء تمكن الجيش السوداني والقوى المتحالفة معه، اليوم السبت، من بسط سيطرته على مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة


الفنان الراحل آدم الشين.png

الفنان "آدم الشين".. ورحل صوت الفاشر العذب

نعى مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي الفنان الشاب آدم عبدالله يحيى، الشهير بـ "آدم الشين"، الذي كان يتغنى بالتراث الدارفوري الأصيل


السودان على مواقع التواصل 2024.png

تريند السودان 2024.. ذاكرة المأساة على مواقع التواصل

عندما ابتلعت مياه الفيضان في طوكر معالم المدينة، ووصلت المياه إلى مستويات عالية لا تسمح للمارة بالسير، قطع الطبيب مدثر أحمد طريقه إلى المشفى سباحة


دينق قوج.jpg

في رحيله.. محبة دينق قوج توحد السودانيين والجنوب سودانيين

مع اندلاع الحرب في السودان وبداية لجوء السودانيين إلى جنوب السودان، كان دينق قوج من أبرز القادة الجنوب سودانيين الذين عملوا على تيسير وصول اللاجئين من الحرب في السودان إلى مناطق آمنة في البلد الشقيق

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert