سوار الذهب.. أثر العربي النادر على طريقته
19 أكتوبر 2018
لدي القليل جدًا من الذكريات مع سوار الذهب، والكثير من الحكايات حوله. كنت لا أزال غرًا صغيرًا انفتحت عيناه فجأة على مجالس الساسة وصناع القرار، أو من شاركوا يومًا في صناعة القرار. وقد اعتدت على مدار شهور أن أتقابل مع سياسيين ودبلوماسيين على الموائد الرسمية أو غير الرسمية، وكل له في حضوره علامة، ولم يكن أخف ظلًا وأرق من حضور سوار الذهب.
كان استحضار نموذج سوار الذهب رائقًا جدًا؛ العسكري العربي الذي ترك الحكم طواعية، وترك للساسة والديمقراطية مسؤولية إدارة البلاد
سمعت عنه كثيرًا، وكان أحد أساتذتنا الأفاضل يكرر دائمًا، أن التاريخ سيذكر أن سوار الذهب اجتمعت في يده أزمّة الأمر، وترك السلطان طواعية للانتخابات، وأنه العسكري العربي الوحيد الذي فعلها، قبل أن يفعلها المشير حسين طنطاوي في مصر، وسبحان الله!
اقرأ/ي أيضًا: رحيل سوار الذهب.. ترجل الزاهد بالسلطة والإنساني في السياسة
كانت حالة سوار الذهب تستدعي التوقف عندها بالفعل. كنّا آنذاك في أوج حالة الثورة في مصر بعد "25 يناير"، وكان المجلس العسكري وعلى رأسه المشير طنطاوي يحكم مصر خلفًا لمبارك الذي نادت هتافاتنا بإسقاطه، وفعلها العسكريون مشكورين. وكانت المخاوف إذ ذاك منصبة حول إدارة المجلس العسكري للبلاد، وحول التساؤلات عن طول فترة الإدارة هذه. عشنا ردحًا جيدًا من الحرية، صحيح، لكننا، وفي خضم حالة عامة من الثورية؛ كانت لدينا شكوك حول تخلي المجلس العسكري عن الحكم.
كان استحضار نموذج سوار الذهب رائقًا جدًا؛ العسكري العربي الذي ترك الحكم طواعية، وانزوى، وترك للساسة وفعل الديمقراطية الانتخابية، مسؤولية إدارة البلاد.
استحضار هذا النموذج، وآنذاك تحديدًا، كان له وقع خاص علي، وأعتقد على غيري من الأصدقاء والزملاء، في ظل اشتعال أتون الحرب في ليبيا ضد القذافي، وفي سوريا لإسقاط الأسد. والزخم الثوري لم يهدأ في مصر، لتقرير انتقالٍ مشهديٍّ للديمقراطية من إحكام رأي الشعب بإسقاط مبارك، إلى صناديق الاقتراع لاختيار، ولأول مرة في تاريخ الجمهورية المصرية، رئيسًا للبلاد.
هكذا إذن كان سوار الذهب الذي تمنيت لقاءه ولم أتوقعه. وكنت آنذاك نشطًا في منظمة مستقلة معنية بالقدس باعتبارها قضية مركزية في مشروع عربي وحدوي حر. والحقيقة، وعلى الهامش، أنني تعلمت كثيرًا في فترة اشتغالي في مبادرات وفعاليات المنظمة في مصر، وكان الجو العام في مصر، والمنطقة التي بدا أن نظامًا مختلفًا يتشكل بها؛ مهيئًا لمثل هذا النشاط بدرجة لم أكن أتخيلها. وقد تعاونت معنا مؤسسات مصرية بشكل كبير آنذاك، على رأسها الأزهر الشريف الذي احتضن جزءًا كبيرًا من فعاليات "نصرة القدس".
وفي خضم ذلك كله كان اسم سوار الذهب يتردد أيضًا، لكن ليس فقط من جهة السياسة وموقفه النموذجي، وإنما أيضًا من جهة دوره الفاعل في "نصرة القدس".
ورغم أنها قضية مغرية للظهور والشهرة ارتباطًا بها، إلا أن سوار الذهب كان رجل ظل، يعمل في صمت، يحضر ضمن الوفود، فلا تُميز حضوره إن كنت لا تعرفه شخصيًا. وعلى كلّ لم يكن ظهوره كثيرًا لتعرف ما يحدثه الزمن بالوجوه.
قابلته أول مرة ولم أعرف أنه سوار الذهب إلا لما ذُكر اسمه. كنا في لقاءٍ خاص، وقد حضرته لدلالي حينها عند الأستاذ الدكتور سعيد الحسن، المنسق العام لمنظمة المؤتمر العام لنصرة القدس، والتي كان سوار الذهب فاعلًا مهمًا فيها. كان لقاءً قصيرًا، لكنه مفعم بالتواضع النادر من أمثال سوار الذهب. وكانت مثل هذه السلوكيات الرفيعة تأسرني الحقيقة، لأنني رأيت أغرارًا أقصى ما قدموه للبشرية جهل حيثي وأنَوَات أضخم من هيئاتهم، وكانوا يحبون الحضور المشهدي، والظهور على رؤوس الموائد والجلسات. لذا لمّا انتهى اللقاء، وسألتُ الأستاذ سعيد: "ده نفسه سوار الذهب سوار الذهب؟"، قال: "نعم هو. متواضع جدًا، صحيح!".
كان سوار الذهب رجلًا خفيف الحضور، عميق الأثر على الذين يتتبعون آثار العابرين الصادقين. ناشطًا في الثمانين من عمره. صامتًا، ودؤوب
قابلته بعدها مرتين أو ثلاثة، وكلها أيضًا في جلسات خاصة بالتنسيق لفعاليات "نصرة القدس". كان المرحوم مشغولًا بالقضية الفلسطينية انشغالًا حقيقيًا بعيدًا عن فروض التجارة والموالسة. وقد بدا لي من لقاءاتي القليلة والقصيرة في حضوره، ومن سماعي الكثير وقراءتي عنه، أنه من نوع الرجال الزاهدين في الشيء وإن كان قاب قويسين أو أدنى منهم. كان رجلًا خفيف الحضور، عميق الأثر على الذين يتتبعون آثار العابرين الصادقين. ناشطًا في الثمانين من عمره. صامتًا، ودؤوب. هكذا بدا لي أنا على الأقل، ألف رحمة ونور عليه.
اقرأ/ي أيضًا:
من هو الفاتح علي حسنين ..السوداني الذي استقدمه أردوغان بطائرة طبية خاصة؟
في ذكرى رحيل الترابي.. جدل سوداني حول تجربته ومشروعه السياسي الغامض
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.