رأي

سلام جنوب السودان.. انشغال الضامن وغياب الوسيط

24 نوفمبر 2020
1000x-1_8.jpg
(Bloomberg)
أتيم سايمون
أتيم سايمونصحفي وكاتب من جنوب السودان

في الوقت الذي تنشغل فيه جنوب السودان بوساطتها في ملف النزاع السوداني والذي انتهى بالتوقيع على اتفاق سلام مع عدد من الفصائل المسلحة في شهر تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، لا يزال اتفاق سلام جنوب السودان الذي تم التوقيع عليه في كانون الثاني/سبتمبر 2018 بوساطة سودانية قادها النظام السابق قبل الإطاحة به في ثورة كانون الثاني/ديسمبر الشعبية؛ يعاني من بطء التنفيذ. إلا أن السلطة الانتقالية الجديدة في السودان بشقيها المدني والعسكري كانت قد أكدت على التزامها بالاستمرار في رعاية اتفاق سلام دولة جنوب السودان، لكن المتابع لمسار تنفيذ الاتفاق سيجد أنه أصبح محصورًا بشكل رئيسي بين الأطراف الموقعة الممثلة في الحكومة وبقية مجموعات المعارضة السلمية والمسلحة، سيجد أنها تعاني من عدة عقبات رئيسية قد تؤدي إلى فشلها بسبب انعدام الرعاية الواضحة وترك مسؤولية التنفيذ الكاملة للفصيل الحاكم الذي هو في ذات الوقت طرف في الاتفاقية.

السودان لم يصل حتى الآن للوضعية السياسية التي تجعله يتفرغ لمتابعة اتفاق سلام دولة جنوب السودان المعقد في تفاصيله

تكمن المعضلة الرئيسية في أن السودان كجهة ضامنة لا يزال يتفاوض حول تسوية قضاياه الداخلية، ولم يصل حتى الآن للوضعية السياسية التي تجعله يتفرغ لمتابعة اتفاق سلام دولة جنوب السودان المعقد في تفاصيله، والمتشابك في العديد من أجزائه المفصلية مثل اتفاق الترتيبات الأمنية، فهناك مسائل تحتاج لتوفير التمويل بشكل عاجل، فحتى الآن لم تستطع الأطراف تنفيذ الجدول الزمني الخاص بتدريب وتخريج القوة المشتركة التي ستمثل النواة الأساسية للجيش الحكومي لجنوب السودان، فالأمر هنا لا يتعلق فقط بانعدام أو غياب الإرادة السياسية لدى الطرف الحكومي الذي تركت له مسؤولية تنفيذ بنود الاتفاق، لكن لغياب الجهة الضامنة التي تقوم بالمراقبة اللصيقة على الأطراف وممارسة الضغوط المطلوبة عليها لتنفيذ بنود الاتفاق، وفي ظل غياب تلك الجهة الراعية والضامنة؛ يتلكأ الطرف المنوط به إنجاز تلك المهام، وتصبح الفرصة مواتية أمامه لتنفيذ الاتفاق بشكل انتقائي حيث يقوم باختيار البنود والمسائل التي تتوافق مع رغبته ومزاجه، وهنا تكمن خطورة المسالة؛ فلا أحد سينتبه لوجود خروق أو انتهاكات سوى المجتمع الدولي الذي سيكتفي كالعادة ببعض بيانات الشجب والإدانة وعبارات المناشدة و الإعراب عن القلق.

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة الحوار الوطني في جنوب السودان.. نظرة مغايرة

الجانب الآخر هو أن اللجنة المكلفة بالتوسط في ملف سلام السودان من قبل حكومة جنوب السودان، هي ذاتها اللجنة التي تفاوضت على اتفاق سلام جنوب السودان، والتي تحولت لاحقًا إلى لجنة إدارة الفترة ما قبل الانتقالية المسؤولة عن آليات تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان، والتي يبدو واضحًا أن انخراطها في متابعة مباحثات السلام السودانية كان خصمًا على سير تنفيذ اتفاق سلام جنوب السودان لقرابة العام؛ فقد كان حري بالحكومة في جوبا إعادة النظر في تكليفهم وتفريغهم بشكل كلي بدلًا عن الجمع بين ملفي عملية السلام في دولتي السودان وتكليف أشخاص آخرين من الذين كانوا جزءًا من العملية والملمين بتفاصيلها، فليست هناك جدوى من تحقيق السلام في أي من البلدين دون الآخر، عملًا بالعبارات التي ظلت ترددها الأطراف بأن استقرار السودان من استقرار جنوب السودان والعكس صحيح.

اقرأ/ي أيضًا: التغيير في أمريكا.. بايدن ومآلات التطبيع

الآن يواجه اتفاق السلام في جنوب السودان العديد من المشكلات المتعلقة بعدم توافق الأطراف في الحكومة والمعارضة، على جملة من القضايا المرتبطة بقسمة السلطة والترتيبات الأمنية؛ فالطرف الحكومي لا يزال متشددًا في رفضه ترشيح المعارضة المسلحة الموالية لرياك مشار للجنرال جونسون أولونج لتولى منصب والى ولاية أعالي النيل، بحجة أن تعيينه سيقود لاندلاع مواجهات جديدة بين المجتمعات المحلية بمدينة ملكال عاصمة الولاية، وقد نقلت وسائل إعلام محلية الأسبوع الفائت أن الرئيس كير اشترط على مشار التعهد كتابة بتحمل المسؤولية عن أي تبعات يمكن أن تحدث نتيجة لتعيين جونسون أولونج حاكمًا على ولاية أعالي النيل، وتلك توترات تحركها الضغوط المحلية التي تمارسها الجماعات المتحالفة مع الطرفين في ولاية أعالي النيل، ويمكنها أن تتفاقم في حال غياب الجهة الراعية للاتفاق، إذا لم تقد لانهيار اتفاق السلام في مرحلة التنفيذ المبكرة، في ظل تباعد المواقف وتمسك كل طرف بموقفه مع تزايد حالة الاستقطاب داخل المعسكرين بشكل يومي متصاعد.  

بينما تسعى جوبا حثيثًا لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، لا تزال هي الأخرى تكابد من أجل تنفيذ الاتفاق الذي يتطلب اهتمامًا كبيرًا من الجانب السوداني

بينما تسعى جوبا حثيثًا لتحقيق السلام والاستقرار في دولة السودان المجاورة لها، لا تزال هي الأخرى تكابد من أجل تنفيذ الاتفاق الذي يتطلب اهتمامًا كبيرًا من الجانب السوداني فالفترة الانتقالية في جنوب السوداني تعيش اهتزازات قوية قد تتحول مع تقادم الزمن الى اختلالات خطيرة تلقى بتأثيرات سالبة على المحاولات المتبادلة بين جوبا والخرطوم لتحقيق السلام في دولتي السودان.    

اقرأ/ي أيضًا

مبادرة الحوار الوطني في جنوب السودان.. نظرة مغايرة

نظرة إلى المستقبل من شرفة الماضي

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert