رأي

"ساريا".. حكاية طفلة فضحت ظاهرة التحرش في السودان!

2 أكتوبر 2019
sudan-protests_0.jpg
بشّرت الثورة السودانية بتغير أحوال المرأة في السودان (The Independent)
مروة التجاني
مروة التجانيكاتبة وصحفية من السودان

منذ اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بنظام البشير و"الكيزان" الذين ذهبوا إلى مزابل التاريخ غير مأسوف عليهم كانت المرأة السودانية حاضرة في جميع المواكب والفعاليات وتتقدم صفوف المحتجين. الثورة الأخيرة في السودان كانت بحق ثورة المرأة التي ناضلت خلال الثلاثين عاماً الماضية ضد نظام كان يستهدفها ويحط من شأنها بل شرع لذلك القوانين التي تنتهك حريتها وتهين كرامتها مثل قانون "النظام العام" وقانون الأحوال الشخصية وغيرها من المواد المدسوسة في القوانين الأخرى. كل ما تقدم ذكره دفع بنساء السودان للثورة ضد منظومة كاملة من الأفكار والمعتقدات التي تسجن الأنثى ضمن إطار ضيق ولا تسمح لها بالحديث عن معاناتها وحقوقها بصوت مسموع .

مع تباشير المرحلة الانتقالية ساد رأي مفاده أن النظرة العامة تجاه "البنت السودانية" يمكن أن تتغير ونشهد عهداً جديداً خاليًا من العنف والتحرش بأجساد النساء

مع تباشير المرحلة الانتقالية ساد رأي مفاده أن النظرة العامة تجاه "البنت السودانية" يمكن أن تتغير ونشهد عهداً جديداً خاليًا من العنف والتحرش بأجساد النساء، لكن الطالبة ساريا فجرت مفاجأة من خلال صفحتها بـ"فيس بوك" حين سردت وهي الطفلة ذات (16) ربيعاً وقائع تحرش أحد المعلمين بها داخل جدران المدرسة مع علم بقية الطالبات. تصرفت ساريا ونشرت الحادثة للرأي العام قبل أن تلجأ لأسرتها ومدير المدرسة لحل المعضلة. تباينت ردود الفعل حول هذا التصرف، وفي تقديري المتواضع فإن ساريا خيراً فعلت بنشرها للخبر وذلك لعدة أسباب: يحتمل إذا تم حصر المسألة داخل الأسرة والمدرسة أن يجري تسويتها بشكل بسيط دون أن يتعرض المعلم للمساءلة أو توجيه إنذار له، من جانب آخر فتحت ساريا الباب واسعاً لتداول قضية التحرش داخل المؤسسات التعليمية الرسمية منها وغير الرسمية مثل الخلاوي وغير ذلك وهي مدارس تعليم ديني واسعة الانتشار في السودان. كما أننا كمثقفين يجب أن لا نلقي اللوم على الضحايا في رد الفعل وطريقة عرض القضية أو الحوادث التي تعرضوا لها، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار حالة الصدمة التي يتعرض لها ضحية التحرش، خصوصاً الضحايا من الأطفال، وماهية الدفاع عن النفس التي تتخذ أشكالاً عدة عند التعبير عنها.

اقرأ/ي أيضًا: صراع السودانيات لأجل الحقوق الأساسيّة.. خطوة للأمام وخطوتان للخلف

قضية التحرش من أصعب القضايا التي تواجه المرأة حيث من الصعب إثباتها وإحضار دليل قاطع عليها بما في ذلك الشهود ، ويختلف التحرش عن الاغتصاب الذي يسهل إثبات وقوعه من خلال الكشف الطبي على الضحية. لكن هذا لا يعني التساهل تجاه هذه القضية الشائكة أو عن تقديم المتحرشين لمحاكمات عادلة، الأمر الذي يقتضي تغيير القوانين وسن أخرى جديدة، تدرج التحرش من ضمن مفاهيم الاعتداء على المرأة لنواكب التغيير الكبير الذي تمر به البلاد. على الرغم من أن النظام البائد ذهب مع الريح لكن لا تزال كثير من المفاهيم الخاطئة التي رسخ لها متواجدة داخل عقول بعض الأفراد والمجتمعات، ولا يزال الكثير من الناس ينظرون للمرأة باعتبارها متهمًا وهي من حركت دوافع الجاني ليتحرش بها أو يلحق بها الأذى ويكون اللوم على مظهرها الخارجي وملابسها وهي أقوال باطلة ما عادت تسري في هذا العهد الجديد.

قصة ساريا ليست قصة فردية للتحرش، وإنما هي وتجربة ترقد مدفونة عميقا في نفوس للعديد من نساء السودان وإن بدرجاتٍ مختلفة من تحرش وقهر واغتصاب وعنف وأذى!

صحيح أن نساء السودان وخاصة في مناطق الهامش تعرضن للاغتصاب في قرى كاملة، وهناك ضحايا لم يجدن بعد المنابر العامة ليسردن تجاربهن، إلا أن الوقفة الكبرى التي حدثت خلال هذه الأيام ضد التحرش، تفتح المجال واسعاً لبحث هذه القضية، من جانب المختصين ومحاولة إيجاد حلول تحد من انتشارها. من جانبي أتفق مع الرؤية القائلة أن المدارس يجب أن تحتوي على كاميرات مراقبة وكذلك في الشوارع العامة حيث يسرح المتحرشون ويمرحون، إلى جانب التوعية وهي السلاح الأقوى. ففي الأخير، قصة ساريا ليست قصة فردية للتحرش، وإنما هي وتجربة ترقد مدفونة عميقا في نفوس للعديد من نساء السودان وإن بدرجاتٍ مختلفة من تحرش وقهر واغتصاب وعنف وأذى، تجربة تعمل على تشويههن نفسياً وإعاقة مساهمتهن في تنمية وتقدم الوطن الذي ناضلن من أجله.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خارج حدود السينما.. داخل حدود السياسة

سؤال الأمل وأزمة القيادة في زمن الثورة

 

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert