جوبا وواشنطن.. هل يعود الود القديم بالأمنيات؟
17 نوفمبر 2020
لا تزال السلطات الحكومية في جنوب السودان، بقيادة حزبها الحاكم -الحركة الشعبية لتحرير السودان- تأمل في أن تتحسن علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية حليفتها القديمة منذ أيام الحرب الأهلية السودانية الثانية (1983-2005) خاصة بعد انتخاب المرشح الديمقراطي جو بايدن رئيسًا جديدًا للبلاد، على الرغم من علمها التام أن السياسة الخارجية الأمريكية تحددها مصالحها ولا تتأثر كثيرًا بتغيير الأشخاص والوجوه كما يحدث عندنا عادة في دول العالم الثالث.
تدرك جوبا الشروط الأمريكية لرفع العقوبات، والمتمثلة في احترام حقوق الإنسان، محاربة الفساد وتعزيز الشفافية والتحول الديمقراطي
الأسباب التي قادت للقطيعة بين جوبا وواشنطن لا تزال قائمة حتى الآن، وهي قطيعة قائمة في الأساس على التفسير المغاير لدى جنوب السودان لما هو مقصود بالمصالح الأمريكية التي تحصرها جوبا بشكل مباشر في الموارد والمنافع الاقتصادية التي تزخر بها جنوب السودان، وهذا هو القول المردد والمتداول رسميًا بغرض الاستهلاك السياسي اليومي وخلق خطاب حكومي رسمي يبرر لحالة التباعد السياسي الواضحة بين جوبا وواشنطن بعد أن وصلت مرحلة فرض عقوبات صارمة على معظم المسئولين الحكوميين، إلى جانب تبني سياسة فرض حظر السلاح والتهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية بينها وجوبا.
اقرأ/ي أيضًا: إثيوبيا.. حرب أهلية أم إقليمية؟
يبدو من لهجة التصريحات التي أدلى بها الأسبوع الفائت أتينج ويك أتينج، والمتعلقة برغبة حكومة جنوب السودان في تحسن العلاقات الثنائية بينها والإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن، لم تكن تتعدى عبارات المجاملة الدبلوماسية العادية فالحكومة تدرك تمامًا طبيعة الشروط الأمريكية لرفع العقوبات وتحسين العلاقات بين البلدين، والتي تتمثل في ضرورة ترقية البيئة السياسية في البلاد، احترام حقوق الإنسان، محاربة الفساد وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد والمال العام، والعمل الجاد لتحقيق التحول الديمقراطي ومساءلة المتورطين في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان بالبلاد، وهي كلفة سياسية باهظة الثمن بالنسبة للحركة الشعبية التي تدرك تمامًا حجم التعهدات التي قدمتها لواشنطن خلال فترة الحرب الأهلية السودانية التي توجت بالتوقيع على اتفاق السلام الشامل الذي منح جنوب السودان حق تقرير المصير عبر قيام الاستفتاء الذي انتهي باستقلال البلاد في 9 حزيران/يوليو 2011.
مياه كثيرة مرت تحت جسر العلاقة بين واشنطن وجوبا، بسبب الخيبة التي شعرت بها واشنطن من واقع تجربة الحركة الشعبية في إدارة الحكومة الإقليمية في جوبا خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت التوقيع على اتفاق السلام الشامل من 2002 حتى 2011 موعد إجراء الاستفتاء، حيث بدأت الإدارة الامريكية تلاحظ التراجع الكبير في الوعود والشعارات التي كانت قد رفعتها الحركة الشعبية في تقديم تجربة وممارسة مغايرة في إدارة الحكومة ومؤسستها والعمل من أجل تكريس عملية الانفتاح والتحول الديمقراطي في السودان خاصة بعد الرحيل التراجيدي لزعيمها ومؤسسها الدكتور جون قرنق دي مبيور، مما جعل إدارة الرئيس أوباما تضغط على حكومة الخرطوم من أجل إقامة الاستفتاء والاعتراف بنتائجه، وقد كانت تلك السياسة البديلة هي الفرصة الأخيرة التي قدمتها الإدارة الأمريكية للحركة الشعبية للانفراد بحكم الجنوب وتقديم نموذجها الذي لم تتاح له الفرصة بتقديمه في ظل وجود المؤتمر الوطني كما كانت تزعم آنذاك.
تغيرت الظروف الإقليمية والدولية التي كانت تحكم التحالف والتقارب الكبير بين جوبا وواشنطن والذي كانت تحكمه توجهات واشنطن بمحاربة الإرهاب في المنطقة خاصة بعد استهداف برج التجارة الدولية في أحداث الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر الشهيرة، حيث كانت الاتهامات موجهة للنظام السوداني وعددًا من الدول والبلدان في المنطقة برعاية وتفريخ الإرهابيين، فبمجرد إعلان استقلال دولة جنوب السودان بدأت العلاقة بين جوبا وواشنطن تشهد تراجعًا كبيرًا على المستوى السياسي حيث حاولت الحكومة الجديدة في جوبا السير على نهج النظام السوداني من خلال البحث عن حلفاء دوليين جدد مثل روسيا والصين ، لتجنب الضغوط التي بدأت تمارسها عليها واشنطن في القضايا المتعلقة بالحكم والدستور والانفتاح السياسي بالبلاد إلى جانب القضية الرئيسية المتمثلة في محاربة الفساد وتوجيه الموارد نحو التنمية وتعزيز السلام، من خلال بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، أو بالأحرى كانت واشنطن تطالب الحركة الشعبية بتطبيق الشعارات التي رفعتها خلال فترة الكفاح المسلح على أرض الواقع، نسبة لأنها كانت الأساس الذي قام عليه التقارب السياسي بينهما في السابق.
قد تبنى واشنطن استراتيجيات جديدة تجاه جنوب السودان، ربما تنتهي إلى دعم عملية تغيير القيادة السياسية للبلاد
من محطة اللاعودة بدأت جوبا تفكر في كيفية استعادة علاقاتها القديمة مع واشنطن، وأصبحت تأمل في عودة الود القديم بالأمنيات، خاصة وأن الحرب الأخيرة التي شهدتها جنوب السودان بين الحكومة بقيادة الرئيس كير، والمعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار، وما ترتب عليها من تداعيات قد أدت إلى تبنى واشنطن استراتيجيات جديدة تجاه جنوب السودان، قد تنتهي إلى دعم عملية تغيير القيادة السياسية عبر الضغط في مسارين هما إقامة الانتخابات وتحريك ملف المحكمة الهجين لتقديم المتورطين في الجرائم التي وقعت في حق المدنيين بالبلاد منذ عشية 15 كانون الأول/ديسمبر 2013 وحتى اليوم للمحاكمة، وستكون تلك المسائل في الأساس لانطلاقة أي حوار قد تفكر فيه جوبا مستقبلًا.
اقرأ/ي أيضًا
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.