منوعات

جدل عنف مدير جامعة سودانية يتصاعد.. تظاهرات وانعكاسات خارجية

10 فبراير 2018
Screen Shot 2018-02-10 at 11.26.33.png
مدير جامعة الأحفاد وسط طالباته (موقع باج نيوز السوداني)
عزمي عبد الرازق
عزمي عبد الرازقكاتب وصحفي من السودان

خلال الأسابيع الماضية، كان الطقس العام سيئًا في جامعة الأحفاد السودانية للبنات، وذلك بعد أن صورت طالبة بهاتفها المحمول مقطع فيديو لمدير الجامعة البروفسير قاسم بدري وهو يقوم بضرب إحدى طالباته، أثناء تفريق تظاهرة منددة بالغلاء. وفتح هذا المشهد طاقة الجحيم على الجامعة ومديرها من قبل الناشطين والصحافة والمجتمع المدني، لدرجة تدخل الأمم المتحدة وحجب دعمها عن الجامعة، حسب بيان تداولته صحف سودانية وناشطون سودانيون، ولم يستطع "الترا صوت" التثبت من صحته.

كان لمقطع فيديو يوثق اعتداء مدير جامعة الأحفاد على إحدى الطالبات انعكاسات واسعة تجاوزت التظاهرات والمبادرات المدنية إلى استياء خارجي قد يضر بسمعة الجامعة الرائدة ومصالحها

 

لم يكن ذلك الفيديو الوحيد وإنما انهالت شكاوى العديد من الطالبات عن أن قاسم بدري يقوم بصفعهن وضربهن، وإجبارهن بالقوة على دخول المحاضرات، وفي الحال، انقسم الرأي العام السوداني إلى فريقين، فريق هاجم الرجل واعتبره يقوم بسلوك همجي ومهين يتنافى مع رسالة الجامعة، لا سيما وأن "الأحفاد" مؤسسة تعليمية رائدة في مجال تعليم النساء بالسودان، وفريق آخر أغلبه من خريجات ومنتسبات الجامعة، حاولن الدفاع عن بدري بحجة أنه "مثل الأب يضرب بناته من أجل المصلحة، وله مطلق الحرية أن يفعل بهن ما يشاء!"، حسب تعبيراتهن.

وجاءت تصريحات البدري للصحف السودانية بعد إنتشار فيديو تعنيفه الطالبات بأن تلك طريقته في التعليم ولا يسمح لأحد بمراجعته فيها ولا أن يعترض عليه، وتعجب من اهتمام الناس بضرب معلم لتلميذته.

اقرأ/ي أيضًا: التعليم.. "المهمش الأكبر" في ميزانية السودان

ودافع عن قاسم بدري عدد من الناشطين والمهتمين بقضايا المرأة والسياسيين بحجج متفاوتة منها اعتبار أن الرجل كان "في حالة خوف أبوي على طالباته"، ومنهم من أدان العنف في العموم دون أن يدين قاسم بدري بحجة "قاسم منا وليس منهم"، على ما نسب للقيادي المعارض للحكومة ياسر عرمان.

جدير بالتذكير أن جامعة الأحفاد تعد أكبر صرح تعليمي للبنات في تاريخ السودان، تمتدُّ جذوره لـ(114) عاماً، أنشأه "رائد تعليم المرأة في السودان ومُحرِّرُها من الجهل والأمية" كما يُطلق عليه، الشيخ بابكر بدري، وقد توارث الجامعة أحفاده حتى قاسم بدري، المدير الحالي منذ نحو أربعة عقود.

تقوم فلسفة جامعة الأحفاد للبنات، حسب ما يُورد القائمون عليها "على إعداد المرأة لتولِّي أدوارٍ مسؤولة في أسرتها ومجتمعها المحلي وفي وطنها ولرفع مساهمة النساء في تغيير المجتمع، مثلما تُعنى بالصحة الإنجابية والتغذية والتنمية الريفية، وكل ما من شأنه زيادة رفاهية المجتمع والمرأة"، ويبلغ عدد الطالبات فيها حوالي 7 ألاف طالبة من مختلف مناطق السودان.

بعد انتشار فيديو تعنيف الطلبة، توالت ردود الأفعال، منها تظاهرات داخل حرم الجامعة لطالبات الأحفاد وهن يرفعن لافتات عليها صورة المدير ومكتوب عليها "نحن أسفين بابا قاسم" ورفضت الهتافات ما تعرض له مديرهن من "حملة إعلامية ضارية بقصد اغتياله معنويًا"، كما علقن. فيما تعددت التظاهرات الأخرى المنددة بالعنف في الجامعات السودانيات وإزاء النسوة بشكل خاص.

اقرأ/ي أيضًا: الأحزاب السودانية.. عنف جامعي أيضًا

مبادرة "لا لقهر النساء السودانيات" أصدرت بيانًا استنكرت فيه ما قام به مدير الأحفاد، وعبرت عن صدمتها لما أظهرته مقاطع الفيديو، واعتبرت ذلك "سلوكًا مرفوضًا تمامًا ولا مبرر له"،  وقالت "أوجعنا وآلمنا حد الألم لمكانة د. قاسم بدري وإسهاماته و عطاءه الثري في حركة حقوق المرأة وتعليمها"، ومضى البيان إلى تأكيد أن الأمر على مرارته أخطر وأوجب بالمساءلة والمحاسبة حتى نثبت مبدأ أنه لا أحد يعلو ويكبر على سيادة حكم القانون"، داعيًا جامعة الأحفاد، ممثلة في مجلس إدارتها إلى إجراء تحقيق موسع حول حادثة الضرب، ونشر نتائجه بكل شفافية ووضوح، وطالبت المبادرة قاسم بدري بالاعتذار للطالبات ولجموع الشعب السوداني عما وصفه البيان بـ"السلوك الذي لا يشبه تاريخه ولا مؤسسة الأحفاد الرائدة في قضايا تعليم وحقوق المرأة" .

اعتبر نشطاء حقوقيون أن اعتذار مدير جامعة الأحفاد كان تحايلًا، مؤكدين ضرورة محاسبته إيمانًا بحقوق المرأة وضربًا لكل محاولات قهرها

وبعد أن انهالت عليه الانتقادات، أصدر قاسم بدري رسالة حاول فيها تبرئة ساحته، وقال في متن الرسالة أن "واجبه ومهمته الحفاظ على رؤية وأهداف الجامعة، بجانب تهيئة الجو الملائم والحريات الأساسية لتعبر الطالبات عن آرائهن داخل الجامعة بما يحفظ سلامتهن، وسلامة المؤسسة"، وتضمنت الرسالة اعترافًا بالقول "إنني أتحمل كل المسؤولية عما بدر مني، وأرجو أن يفهم مقصدي، كان وسيظل حماية الطالبات..". وحملت ذات الرسالة اعتذارًا ضمنيًا بقوله "إذا أدى ذلك لانعكاسات سلبية لدى البعض، فإنني أوكد أن الأحفاد تسير في طريقها الذي خطه لها مؤسسوها، وأرجو أن يكون في هذا توضيحًا واعتذارًا لمن يهمه الأمر".

[[{"fid":"98425","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"رسالة قاسم بدري","field_file_image_title_text[und][0][value]":"رسالة قاسم بدري"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"رسالة قاسم بدري","field_file_image_title_text[und][0][value]":"رسالة قاسم بدري"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"رسالة قاسم بدري","title":"رسالة قاسم بدري","height":710,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

ومع ذلك لا يرى الكاتب حمور زيادة في رسالة بدري اعتذارًا كافيًا، وإنما تحايلًا على الاعتذار، ويضيف حمور في رسالة وجهها إلى أنصار قاسم بالقول "جريمة قاسم بدري أنه ليس مجرد رجل عادي، ولا ناشطًا شابًا، قد يمكن تجاوز سلوكه، جريمة قاسم بدري أنه شخصية لها مريدين ومسؤول عن آلاف الطالبات اللواتي ساهم في تشويههن بأن قبلوا الضرب واحتفوا بالانتهاكات"، ويضيف زيادة: "بصراحة ما محترم أي زول عمل المساومة دي وقرر إن قاسم بدري أهم عندو من مبدأ عدم ضرب الطالبات"، لافتًا إلى أن معركة الوعي طويلة، وجزء مهم منها الآن إدانة قاسم بدري وعزله حتى لو مجتمعياً، حسب رأيه.

 

 

لكن، أقسى ما وُجه لبدري هو خطاب الأمم المتحدة، وذلك بعد أن أخطرت جامعة الأحفاد للبنات أنها لن تجدد مشاريعها المشتركة معها عقب انتهاء المشاريع الحالية وذاك بسبب ما وصفته بـ"العنف الجسدي الذي يرتكبه قاسم بدري ضد الطالبات"، والخطاب إدانة دولية قاسية طالت الجامعة أكثر من مديرها، كما يرى البعض، وذلك بالضبط يعني أن تداعيات الحادثة تجاوزت الحدود الجغرافية بآثار سلبية، لكنها بالمقابل قد تهدد أيضًا فرص كثير من طالبات الأقاليم الفقيرة، بالحصول على منح مجانية في جامعة الأحفاد.


 

اقرأ/ي أيضًا:

المرأة السودانية.. العنف متواصل

عن أطباء السودان والبلاد التي تُكتب الآن

الكلمات المفتاحية

الهلال السوداني.jpg

"الكاف" يرفض إقامة مباريات الهلال السوداني والأهلي المصري في ليبيا 

رفض الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "الكاف"، طلب نادي الهلال السوداني باعتماد ملعب "شهداء بنينا" في بنغازي لاستضافة مباراة الرد ضد الأهلي المصري، في إياب دوري مجموعة أبطال أفريقيا مطلع نيسان/أبريل 2025.


Sudanese Ramadan.jpg

تقاليد رمضان السودانية.. كيف تصمد في دول المهجر؟

تقاليد رمضان السودانية جزء أصيل من الهوية السودانية، ولا يمكن تصور أن يمر الرمضان على السوداني دون أن يشم رائحة الآبري أو يحضر الرقاق لتناول سحور مميز


إفطار رمضان في شرق النيل.jpg

"اليقين" زاد السودانيين في الشهر الفضيل

النساء السودانيات عميقات التدين بطبعهن، وكأنهن يرضعن تلك الميزة أمًا عن جدة، محافظات على صلاوتهن وأورادهن وكثيرات الصوم تطوعًا وفي أيام المناسك المتعددة. وأكاد أجزم إن في كل أسرة سودانية تكون المرأة "الأم – الأخت" هي المحفز الأول للصغار على تعلم الصوم، والصبر على الجوع والعطش، لاسيما في أجواء السودان الساخنة.


albalila-Sudan-Ramadan.png

البليلة.. مكون أساسي في مائدة رمضان السودانية

تُعدّ البليلة أحد أهم المكونات على مائدة الإفطار الرمضاني في السودان، وتُقدَّم ساخنة مكللة بقطع التمر التي يكسر بها الصائم ساعات الصيام الطويلة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert