"السودان فيضان 2020".. كارثة وطنية وشعب ألِف الصعاب
7 September 2020
تعيش البلاد هذه الأيام كارثة حقيقية، فيضان النيل وروافده لهذا العام تاريخي، حيث فاقت مناسيب المياه أعلى المناسيب المسجلة على الإطلاق، مع توقعات باستمرار الزيادات والفيضانات. وحتى هذه اللحظة، وفقًا للإحصاءات الرسمية إبان إعلان حالة الطوارئ في البلاد، فقد تضرر أكثر من نصف مليون شخص من الفيضان، وتهدمت آلاف المنازل والبيوت، وفقد العشرات أرواحهم نتيجة للفيضانات والسيول المستمرة منذ حوالي أكثر من شهر الآن.
من قبل حتى أن يصل الفيضان لما هو عليه اليوم، انتظمت المبادرات الرسمية والشعبية للتعبئة والاستنفار استعدادًا للخريف
ومن قبل حتى أن يصل الفيضان لما هو عليه اليوم، انتظمت المبادرات الرسمية والشعبية للتعبئة والاستنفار استعدادًا لخريف هذا العام، والذي توقع الخبراء مسبقًا أنه سيكون خريفًا كارثيًا. فكانت وكالعادة مبادرة "نفير" الشبابية؛ حاضرة وبقوة، في الاستعداد لدورها الذي ظلت تلعبه في التصدي للفيضان ودرء آثار الخريف من سنين عديدة.
اقرأ/ي أيضًا: "سلام السودان" على مواقع التواصل
بدأت قصة نفير هذا العام بالدعوة للاجتماع التفعيلي للمبادرة في أوائل آب/أغسطس، ثم تنشيط أرقام الطوارئ الخاصة بالمبادرة والخطوط الساخنة بعدها بأيام لتلقي البلاغات عن الأضرار من جميع أنحاء السودان. حيث تعمل المبادرة عبرها على حصر وجمع المعلومات عن الأضرار والخسائر الناتجة عن الفيضان، كما أنها فتحت باب التطوع والتبرعات للمبادرة للراغبين في المساعدة.
لم تكن نفير وحدها التي هرعت للمساعدة، بل كل الشاب السوداني الثائر، فكانت الملحمة في جزيرة توتي عند مقرن النيلين والتي غمرها الفيضان، حيث هب الشباب من "لجان المقاومة" للمساعدة في تشييد المتاريس والمصدات حول الجزيرة العريقة ذات القيمة الرمزية العالية لدى السودانيين.
وقامت لجان المقاومة بدورها في صد الفيضان، ليس في توتي فقط، بل في عدد كبير من المناطق المتأثرة، جنبًا إلى جنب مع قوات الدفاع المدني والوحدات النظامية المنوط بها التعامل مع مثل هذه الكوارث، رغم قلة الإمكانيات.
وكما ضحى الشباب بأرواحهم في الثورة السودانية، لم يكن غريبًا عليهم تقديم شهيد جديد مع كارثة االفيضان، فنعت لجان المقاومة الشاب فؤاد الحبر، والذي أسلم روحه وهو يساعد في إخلاء أحد المنازل بمحلية جبل أولياء، وذلك بعد أن انهار عليه المنزل الذي غمرته المياه.
القوات المسلحة أيضًا كان لها دورها في جهود الإنقاذ وتقديم يد المساعدة في المناطق المنكوبة، وهي جهود ما زالت مستمرة حتى اللحظة رغم قصورها عن الإحاطة بكارثة تفوق إمكانيات البلاد.
وبالطبع لم تغب الفيضانات عن التفاعلات في مواقع التواصل الاجتماعي، فنشر الناس وغردوا على العديد من الوسوم، أهمها وسم "السودان فيضان 2020" ووسم "السودان يغرق"، حيث عبر العديد من المواطنين عن تعاطفهم وتضامنهم مع المناطق التي ضربتها الفيضانات.
الكارثة في سنجة كانت من العيار الثقيل، حيث هدم النيل الأزرق الجسر الواقي وغمر مناطق واسعة في المدينة الصغيرة البعيدة عن أضواء العاصمة والإعلام، بما يعيد للأذهان مأساة "بوط" بالنيل الأزرق.
أما في مدينة طوكر أقصى جنوب شرق البلاد، فكان فيضان "خور بركة" أكثر قسوة في غياب التغطية الإعلامية، حيث تم إعلان حالة الطوارئ واعتبار المنطقة منطقة كوارث طبيعية، قبل حتى إعلان أمر الطوارئ في بقية البلاد.
وعلى الرغم من الكارثة الوطنية الشاملة، إلا أن أن الشعب السوداني الذي يمر بأسوأ أزمة اقتصادية ويرزح تحت ضغوط متلاحقة منذ سنوات، يبدو أنه ألِف الصعاب. فعلى الرغم من الظروف المأساوية التي تمر بها البلاد، إلا أن اللياقة النفسية للمواطنين عالية، بل كان الفيضان فرصة لتقديم مأثرة جديدة من الصبر والجلد في مواجهة الظروف الصعبة، وربما أيضًا، تعزيز العلاقات الاجتماعية بتناول الشاي فوق مياه الفيضان.
موسم الفيضانات لم ينته بعد، مع تحذيرات جديدة من وزارة الري والموارد المائية من استمرار ارتفاع مناسيب المياه، ودخول الفيضان مناطق جديدة لم تخطر على البال، حيث لم تسلم منه حتى المواقع الأثرية في البجراوية، فهددت المياه "المدينة الملكية"، أحد أهم المواقع الأثرية في السودان.
اقرأ/ي أيضًا: تراجع شعبية حمدوك.. ما هي الأسباب؟
ويعرف السودانيون من خبرتهم مع الخريف، أن الفيضانات ليست نهاية قصة الخريف، فالتبعات الصحية للمياه الراكدة أكثر كارثية وانتشارًا من الفيضان نفسه، والبلاد بانتظار موسم طويل من أمراض الخريف الوبائية مثل الملاريا والكوليرا والتلوث البيئي الذي سيدوم لأسابيع، ليرهق النظام الصحي الآيل للانهيار تحت الضغط المزدوج لجائحة كورونا وكوارث الخريف السنوية.
ربما تكون المرارات أقل هذه المرة بما أن الكارثة كارثة طبيعية على عكس الكوارث والأزمات التي درج على صناعتها السياسيون والعسكريون في بلادنا
ولكن هذه الأزمة ستمر مثل غيرها من الأزمات، وربما تكون المرارات أقل هذه المرة بما أن الكارثة كارثة طبيعية، على عكس الكوارث والأزمات التي درج على صناعتها السياسيون والعسكريون في بلادنا لمصالحهم الشخصية وطموحاتهم الأنانية، مثل الحروب الأهلية التي روعت البلاد منذ ميلادها، والاقتتالات القبلية التي انتشرت انتشار النار في الهشيم مؤخرًا.
اقرأ/ي أيضًا
تفكيك "تفكيك التمكين" على مواقع التواصل الاجتماعي
"السودان ضد التطبيع" يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي
الكلمات المفتاحية

السودان.. احتفالات واسعة باستعادة سيطرة الجيش على مدني
صخب كبير سيطر على معظم مدن السودان جراء تمكن الجيش السوداني والقوى المتحالفة معه، اليوم السبت، من بسط سيطرته على مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة

الفنان "آدم الشين".. ورحل صوت الفاشر العذب
نعى مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي الفنان الشاب آدم عبدالله يحيى، الشهير بـ "آدم الشين"، الذي كان يتغنى بالتراث الدارفوري الأصيل

تريند السودان 2024.. ذاكرة المأساة على مواقع التواصل
عندما ابتلعت مياه الفيضان في طوكر معالم المدينة، ووصلت المياه إلى مستويات عالية لا تسمح للمارة بالسير، قطع الطبيب مدثر أحمد طريقه إلى المشفى سباحة

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.