الدندر في السودان.. سحر الطبيعة والحياة البرية

تحظى ولاية سنار جنوبي السودان بوجود محمية الدندر الطبيعية بين أراضيها، والتي تبلغ مساحتها (10) آلاف كيلومتر مربع حملت بداخلها سحر الطبيعة والحياة البرية، وصنفت على أنها أكبر المحميات الطبيعية في أفريقيا. وتبعد الدندر نحو (400) كيلومتر من العاصمة الخرطوم، وأعلنت كمحمية طبيعية في العام 1935. تضم المحمية أكثر من (40) نوعًا من الحيوانات، وذلك بجانب (260) نوعًا من الطيور.

يرتبط اسم المحمية بمدينة الدندر، وهي كلمة يونانية تحمل أكثر من معنى، منها منهل الماء المنحدر، وذلك في إشارة إلى نهر الدندر موسمي الجريان الذي يمتاز بانحداره الشديد وضحالة مجراه

ويرتبط اسمها باسم مدينة الدندر، وهي كلمة يونانية تحمل أكثر من معنى، منها منهل الماء المنحدر، وذلك في إشارة إلى نهر الدندر موسمي الجريان الذي يمتاز بانحداره الشديد وضحالة مجراه من الهضبة الإثيوبية غرب بحيرة تانا، ثم يلتقي مع النيل الأزرق عند قرية الربوة مكونًا مقرن الربوة، وهي المدينة التي تشتهر بصيد الأسماك، و جدير بالذكر أن المحمية بها نهري الدندر والرهد، وذلك  بجانب عدد كبير من البرك والمستنقعات الموزعة على أراضيها.

وقبل استقلال السودان وضعت بريطانيا عددًا من اللوائح لتنظيم الصيد في عامي  1924 و1927، وبعد ذلك أبرمت بريطانيا اتفاقية لحماية الحيوانات في مستعمراتها الأفريقية في العام 1932، وكان أحد أهم بنود الاتفاقية هي إنشاء المحميات الطبيعية. وصنفت الحيوانات على إثر هذه الاتفاقية إلى مجموعات، بحيث تأخذ الحيوانات النادرة الحق في الحماية المطلقة. فيما شرع السودان بعد استقلاله عبر الدستورعددًا من القوانين التي  تمنع الصيد في محمية الدندر، وذلك في مختلف الحكومات التي مرت على السودان منذ استقلاله وحتى الآن.

أهمية إقليمية وعالمية

تعتبر محمية الدندر من المحميات الطبيعية التي يتنوع فيها المناخ والغطاء النباتي والحياة البرية، بحيث  تتنوع بداخلها  مجموعة واسعة من الحياة النباتية والحيوانية، وتتميز بالتنوع البيولوجي الكبير داخل أراضيها والذي لا يوجد مثيل له في  أي مكان آخر بالمنطقة. وتؤكد دراسة نشرت في العام 2003 أن الدندر  تحتوي على فصائل  نادرة من الحيوانات   كالأسد (Panthera leo) والفيل  (Loxodonta africana)، وجدير بالذكر أنها تعتبر الموطن الوحيد لهذه الأنواع، الأمر الذي يحتم الحفاظ على المحمية لما تحمله من  أهمية إقليمية وعالمية. وتحتوي الحظيرة أيضًا على عدد من البساتين  بحيث يلعب حفظ التنوع النباتي والحيواني الفريد دورًا كبيرًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة برمتها.

وتقول الدراسة إنه سُجل نحو (983) نوعًا من الطيور في محمية الدندر، و,تمثل هذه النسبة حوالي (10)% من طيور العالم، ويعتبر (218) نوعًا منها من الطيور المهاجرة والتي يتواجد معظمها في المحمية، وتمثل الطيور المهاجرة (23)% من إجمالي الطيور في السودان. وبجانب الطيور المهاجرة تشمل الأنواع الأخرى المتواجدة في الحظيرة النعام، ونقار الخشب، والبجع الأبيض، وأبوغرنوق، وأبوسعن، ومختلف أنواع الطيور الصغيرة مثل طائر الرهو، وذلك بجانب طائر العقاب وطائر اللقلق ذو المنقار الكبير. وتضم الحظيرة أكبر تجمع من الدجاج الحبشي المعروف محليًا بدجاج الوادي، والذي تبلغ أعداده في الحظيرة ما يقارب المليون طائر، وتعتمد هذه الطيور بشكل أساسي على المستنقعات والتي تعيش فيها أيضًا أنواع متعددة من الأسماك والحشرات.

جغرافيًا تقع الدندر على طريق هجرة الطيور الأفريقية خلال فصل الشتاء، وذلك نتيجة لتنوع المستنقعات المتواجدة فيها، والتي تتألف من سهول الفيضانات والبحيرات وبرك المياه الصغيرة. وجدير بالذكر أن هذه المناطق تقدم حماية كبيرة وملجأ لأنواع الأسماك المختلفة والتي تبلغ (32) نوعًا من بين (115) نوعًا من الأسماك المسجلة في نهر النيل. وتحمل كل بركة أو مستنقع مجتمعًا مختلفا من حيث الحجم وشكل الحياة بداخله. أما تربة  المستنقعات فتوصف بأنها تربة طينية ثقيلة ذات تشققات داكنة تتكسر بالقرب من الأنهار والجداول المائية، وذلك بجانب مناطق تتكون من الرمل رواسبه. 

أنهار الدندر

 تحتضن محمية الدندر في أراضيها نهري الدندر والرهد، ويقع تصريف النهرين على سهول الهضاب الإثيوبية، حيث ينحدر ارتفاعها من (3133) مترًا فوق سطح البحر في الجنوب الشرقي إلى حوالي (100) متر فوق سطح البحر في الشمال الشرقي للمحمية في السودان بحسب الدراسة. ويتدفق النهران بسرعة لكن يقل انحدارهما بالقرب من الحدود. ويتدفقان باتجاه الشمال الغربي عبر سهول مستوية ومن ثم يصبان في نهر النيل الأزرق. ويصل عرض النهرين إلى (12) مترًا في بعض الأماكن، بينما يصبحان أضيق نحو شمال السهل. وبحسب دراسة قدمها العالم عبدالحميد وآخرون في العام (1996)، فإن نظام الصرف الأساسي في المحمية أشبه بشجرة تصريف فرعية، وبجانب نهري الدندر والرهد يتألف من عدد من الخيران.

تعد محمية الدندر منطقة جاذبة للسياح من هواة الصيد والاستكشاف والمغامرات والحياة البرية، وذلك بجانب الباحثين في مجال البيئة والعلوم الطبيعية

وتعد محمية الدندر منطقة جاذبة للسياح من هواة الصيد والاستكشاف والمغامرات والحياة البرية، وذلك بجانب الباحثين في مجال البيئة والعلوم الطبيعية، حيث قدم العلماء من مختلف الخلفيات آلاف الوثائق التي تدرس جوانب مختلفة من المحمية. وجدير بالذكر أنه تم تنظيم عدد من الفعاليات في الدندر، منها المهرجان الدولي للسياحة والحياة البرية، وذلك بجانب اليوم العالمي للحياة البرية. وبحسب تقارير كانت قد شهدت هذه الفعاليات عددًا كبيرًا من الزوار يقدر بـ(800) ألف زائر.