التحرش بالجميع.. إشكاليات "النسوية" في السودان
1 أكتوبر 2019![sudan-protests_1[1].jpg](/sites/ultrasudan.ultrasawt.com/files/styles/news_large/public/sudan-protests_1%5B1%5D.jpg.webp?itok=mr0G06Ja)
في الحقيقة أنا حائر إزاء هذه الكتابة التي تتطلب مني الإشارة الصريحة إلى واقعة تحرش بعينها، غصت بها مواقع التواصل الاجتماعي في السودان خلال الأيام الماضية.
مفاهيم الحركة النسوية في السودان، تحولت إلى حالة شرهة، تتعامل مع قضايا المرأة بطريقة تجعلها أحيانًا تتجرع الاتهامات بغرض الانتقام
ذلك أن هذا ما أحاول نقده بالأساس، لأن الحديث الحديث عن واقعة تحرش بالأسماء الصريحة، سوف يوردني -من حيث لا أحتسب- ما أنا بصدد رفضه، أي التشهير بالضحايا. وفي المقابل، يضيرني بشدة -وأقول هذا بصدق- تناقض الكتابة والقناعات الدافعة بالحذر المطلوب مما يوشك أن يكون محض عواء لمخاوف النفس الأمارة بالسوء وبالخير أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: "صوت المرأة ثورة".. زغاريد انتفاضة السودان
حادثة طالبة ثانوي سودانية تبلغ من العمر 16 عامًا، كتبت على صفحتها بفيسبوك، أن أحد الأساتذة تحرش بها، وأشارت له بالاسم، بعد أن لم تنصفها المدرسة؛ باتت هذه الواقعة حديث المجالس. وهبّت الأسافير غاضبة بنشر صور الأستاذ والمطالبة بإعدامه في ميدان عام، قبل إقامة الحجة عليه وإحقاق العدالة، لاسيما وأن هنالك قابلية لتصديق كل شيء متعلق بالفضائح الجنسية.
وتم أيضًا تداول صور الطالبة، الضحية المحتملة، بأوضاع مختلفة، للحكم على حقيقة ما جرى، ما يعني أنها سوف تعاني مرتين: سوف تعاني من ألم نفسي إن كان التحرش صحيحًا، ومن انتهاك خصوصيتها على نحوٍ سافر ومؤذٍ بالآلة الإعلامية الهائلة التي تتغذى على دماء الفضائح وقصص المسكوت عنه، والتفسيرات الرغائبية.
إلى جانب ذلك، وهو جانب مغرٍ للتأمل، تحولت المحاكمة الافتراضية إلى مادة إعلامية خاضت فيها الألسنة والكتابات، وتحول الأستاذ كذلك بصورة خاطفة من متهم إلى مجرم، دون أن يحصل على حقه كاملًا في التوضيح والمرافعة، أو نأخذ نحن، مجتمع الفضيلة المعاصرة، رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري بعد أن ولاه القضاء، مأخذًا جادًا: "واجعل لمن ادعى حقًا غائبًا أو بينة أمدًا ينتهي إليه".
من سخرية الأقدار أن صحيفة سودانية نشرت خلال الأيام الماضية خبرًا عن تعرض الرجال إلى التحرش من النساء في المواصلات العامة. وقال أحد الشباب: "إنهن يتعمدن الالتصاق بنا وإثارتنا"، وعبر آخرون عن ضيقهم من رائحة الأجساد المعفرة بالطلح والحناء، واشتكى ثالث من التعرض له بكلمات أنثوية على شاكلة: "إنت حلو وكسارة"، بينما رد عليه صديقه: "تاني لو ما اتحجبت ما تطلع من البيت"؛ كلها أمور تصوب في حقيقة مدهشة، وهي أن حروب التحرش، باتت بجراءة مهولة، سجالًا بين الطرفين!
في خضم جدل وقائع التحرش غير المثبتة، والتي يصعب تأكيدها أو نفيها بالأساس، برزت ظاهرة الاعترافات السهلة، وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحض على توثيق حالات التحرش، وتحرض الفتيات تحديدًا للكتابة وتجاوز مرارة الكتمان والعقد المصاحبة، وكسر عزلة الحياء الطويلة دون قيود، أو مواجهة مجتمع سوداني ترسخت فيه النزعة البطريركية، ما أوجب قدر من الرعاية الخاصة والدعم النفسي، بصورة أثرت بها منظمات نسوية متصلة بالغرب، وبالتالي بات دور الضحية مغريًا، ويحظى بامتياز فريد، ليس أقل من تأشيرة العبور إلى أوروبا، وبعض الحالات غمرتها هالة من النجومية، على خلاف المعتاد في الماضي، من قهر وعُزلة اجتماعية.
حياة ما بعد الثورة في السودان، مفتوحة على مشاهد عديدة، فثمة فريق مشغول بتصفية الدولة العميقة، وفريق آخر يحاول تعويض خساراته المهنية والمادية، وثالث يحاول إثارة معركة مؤجلة مع المجتمع. لكن انتصارات النسوية رغم موجة التعاطف تبدو كذلك مهددة بالنساء أنفسهن، ضحايا المجتمع والمتمردات عليه، إلى حد سواء.
الصراع على أشده بين جيلين، أو ثقافتين: ثقافة ما وجدنا عليه أمهاتنا، وثقافة التحرر المطلق. حتى أن بعض الفتيات، وربما أكثرهن، يفضلن عدم إثارة فضيحة من موقف عابر، بمنطق أن صمت النساء يضمن سلامتهنّ!
مفاهيم الحركة النسوية في نسختها السودانية، تحولت إلى حالة شرهة، تتعامل مع قضايا المرأة بحساسية مرضية، تعرضها في بعض الأحيان إلى تجرع الاتهامات، والتي غالبًا ما يتضح أن وراءها غرض الانتقام من بعض الرجال، أو المشاهير، خصوصًا وأن اعترافات التحرش أصبحت موضة تصنع الشهرة السريعة، لأن "صراخ المرأة ليس الشيء نفسه كصراخ رجل، فلا أحد يريد أن ينقذ رجلًا"، وفقًا لعبارة متداولة.
صحيح، وبلا مبالغة، ثمة كبت شديد في بلدنا، تولدت عنه في أحيان كثيرة انفجارات غريزية هائلة، وهي مسألة فشلَ المجتمع ورجال الدين والدولة في كبحها، وفي المقابل فإن قانون "النظام العام" تعاملَ مع المرأة بقسوة، وأخذها بشبهة الأزياء الضيقة. إنه قانون قائم على تقديرات رجال الشرطة والنيابة، دون تحديد ماهية الزي الفاضح، وقد ثارت عليها ثورة واعية، فتم تعطيله نسبيًا.
تعامل قانون "النظام العام" في السودان، مع المرأة بقسوة، وأخذها بشبهة الأزياء الضيقة، وفقًا لتقديرات رجال الشرطة والنيابة!
لكن، في المقابل، تزايدت الأصوات التي تنسب نفسها لمطال التحرر النسوي، في حين أنها تكرس، وبشكل مزعج، لحالة عداء دائم مع الرجل، وإن لم تكن مسببة طوال الوقت!
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.