رأي

الانتقالية وحاضنتها.. والخروج من المتاهة السياسية

1 أغسطس 2020
Political agreement.jpg
مفاوضات الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى التغيير في حضور الوساطة - أرشيفية (تواصل)
وائل محجوب
وائل محجوبكاتب وصحفي من السودان

سيتواصل الشد والجذب مدافعةً من قوى الثورة لتحقيق مطالبها التي ظلت حبيسة أدراج رئاسة الوزراء لعام كامل، ولم تفلح مليونيات 30 حزيران/يونيو في تحقيقها بشكل فوري، بينما تشهد ساحة الحكومة وتحالفها السياسي اضطرابًا واضحًا، يوشك أن ينهي عهد الكفاءات المستقلة ويدشن مرحلة الوزراء الحزبيين عبر المحاصصة السياسية، بعدما تراجعت القوى السياسية عن تعهداتها السابقة بعدم المشاركة في الجهاز التنفيذي، فهل ذلك هو السبيل الوحيد المتاح لمغادرة مربع الأزمات؟ 

الخروج بالساحة السياسية من متاهاتها الراهنة يقتضي الإقرار بالأخطاء الجسيمة التي وقعت منذ بدء التفاوض وحتى اليوم

الخروج بالساحة من متاهاتها الراهنة يقتضي الإقرار بالأخطاء الجسيمة التي وقعت، منذ بدء التفاوض بين المجلس العسكري أو اللجنة الأمنية، وقوى الحرية والتغيير العام الماضي، وما تمخض عن ذلك التفاوض من اتفاق سياسي ووثيقة دستورية حفلت بنقاط الضعف، والمناطق الرمادية التي ساهمت في تعقيد الواقع السياسي، وأدت لقيام شراكة سياسية مختلة، بعدما أبقت للقوات النظامية على مؤسساتها الاقتصادية ذات الربح العالي خارج ولاية وزارة المالية، خلاف ما طالته أيديها من مؤسسات الدولة الاستراتيجية خلال وبعد التفاوض.

اقرأ/ي أيضًا: شرق السودان.. ارتداد أم خطوة إلى الأمام؟

هذا الواقع لا يمكن التعامل معه بكل عناصر الضعف التي تعتريه إلا بالإقرار بحقائقه أولًا؛ ضعف وتفكك تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يمثل الحاضنة السياسية، وانقسامه على نفسه وعدم توحده حول قضايا الفترة الانتقالية، وعدم إسناده للحكومة التي أتى بها بالشكل المطلوب، ونشاط بعض كوادره في إضعافها وتقسيمها على أساس شبهات الانتماءات الحزبية، وقد ساهمت هذه الأجواء في إبعاد عدد من الوزراء جراء الحملات المتواصلة التي لم تستند على أي أساس موضوعي أو معلومات حقيقية، وفي غياب التقييم الموضوعي لأداء الحكومة.

اقرأ/ي أيضًا: رسالة مفتوحة لوزير العدل بخصوص قانون المعلوماتية

ضعف الحكومة نفسها بسبب خلل بنيوي لازم تكوينها، وافتقارها لبرنامج ورؤية واضحة للتعامل مع مطالب وأهداف الثورة، وضعفها وتنازلها عن سلطاتها وصلاحياتها التي تمدد من خلالها العسكر ليفرضوا سطوتهم، ويضعوا أيديهم على مفاتيح ملفات السلام والسلطة والاقتصاد، مما خلق نشاطًا حكوميًا موازيًا للجهاز التنفيذي، وأدى ذلك لاتساع الفجوة بينها والشارع وقواه الثورية.

المحاصصة بين الأحزاب لن تحل أزمات الواقع بل ستزيدها تعقيدًا في ظل خلافاتها المزمنة

هذه الوضعية المعقدة لن تحلها المحاصصة وتولي القوى السياسية لمقاعد السلطة، ولن يفضى ذلك الوضع في ظل انقسام التحالف وافتقاره للرؤية ولبرنامج يخاطب قضايا الانتقال، إلا لمزيد من الأزمات وسيؤدي لتصادم بين القوى الحزبية والشارع، وسيزيد من تعقيدات الفترة الانتقالية، ولن تستفيد منه سوى قوى الثورة المضادة، وتقوية العناصر العسكرية على مستوى السلطة، وسيزيد هذا التفكك والتباعد بين التحالف والشارع من شهية المغامرين والطامعين في السلطة.

لقد أعلنت قوى الحرية والتغيير أنها بصدد عقد مؤتمر تداولي خلال شهر تموز/يوليو، وها هو الشهر قد مر وأطل عيد الأضحى، ولم ترد أي إفادات واضحة حول انعقاده، فما الذي حال دون قيام المؤتمر، وماذا فعل التحالف في وثيقة العقد الاجتماعي المقدمة من حزب الأمة، وما هي وضعية حزب الأمة الذي جمد عضويته بالتحالف في ظل إعلانه عن مشاركته في السلطة، وهل تم ذلك بالتنسيق مع قوى التحالف، وهل تتوقع هذه القوى أن تمضي لمقاعد السلطة بتحالفها بكل إشكالاته، ودون أن تجري تقييمًا لكل العقبات التي تواجه مسار الانتقال، وللانحراف الذي شاب مسيرة الثورة، والقصور الذي لازم التحالف في إدارة المرحلة.

اقرأ/ي أيضًا: الحكم المدني هل ينجو من قبضة العسكر؟

هذا الوضع الماثل اليوم لن نستطيع تجاوزه باستبدال الكفاءات المستقلة بعناصر حزبية، تعمل وفق أجندة أحزابها، في غيبة البرنامج الوطني المجمع عليه، وبغير تغيير شامل في التحالف السياسي يعيد النظر في هياكله لتصبح أكثر شمولًا وتمثيلًا لقوى الثورة، ووفق قاعدة الشراكة في اتخاذ القرارات، لا أن تستأثر بها قلة تحتكر القرار، وتتمدد في كل اللجان وتغيب الآخرين، وبالتوافق على برنامج ورؤية تتوحد حولها جميع مكونات التحالف وتعمل على تنفيذها.

الانفصال بين التحالف السياسي ونبض ومطالب القاعدة الشعبية مقدمة لتفكك وحدة قوى الثورة

إن الانفصال بين التحالف السياسي ونبض ومطالب القاعدة الشعبية هو مقدمة لتفكيك وحدة القوى التي تستمد تفويضها من الشارع، وسيكون التحالف أكبر الخاسرين من هذه الوضعية، وتليه مباشرة هذه الحكومة وأي حكومة قادمة، والحل الوحيد هو تمسك التحالف بمطالب وأهداف الثورة والالتحام بجماهير الشعب، فهي توشك أن تختط مسارًا بعيدًا عنه، مما ينذر بتقويض أساس التفويض السياسي، ويفتح الباب لمعادلات وتحالفات جديدة تعيد تركيب المشهد السياسي بشكل جذري.

اقرأ/ي أيضًا

خلاصات كتاب "عزمي بشارة" الأخير وتجربة السودان

أهمية الحفاظ على الأسماء التاريخية بمدينة جوبا 

الكلمات المفتاحية

العاصمة-الخرطوم.jpg

من يفكر للسودان؟

يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…


فيلم وحوش لا وطن.jpg

وحوش السودان أيضًا بلا وطن

الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.


الدعم السريع.jpg

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟

منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…


محمد حمدان دقلو - حميدتي.jpg

النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي

عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert