منوعات

إلى الكاتب الشاب.. هل تعرف قدرك؟

27 أغسطس 2022
screen-shot-2018-03-08-at-3-23-30-pm.jpg
(Buzzfeed)
باسل خدر
باسل خدركاتب وقاص من السودان

قبل زمن ليس بالبعيد كنت أخوض نقاشًا مع صديق حدثني من خلاله عن شعوره بعد الفوز بجائزة الطيب صالح للشباب للقصة القصيرة، أخبرني كم كان سعيدًا وقتها بطبيعة الحال، لكن وبعد وقتٍ قصير صارحني أنه قد شعر أن هذه الشهادة التقديرية المعلقة في منزله كانت تمارس عليه ضغطًا هائلًا، نوع الضغط الذي يجعلك تطالب نفسك بأكثر من قدرتها، أو لنقل دافع مضلل، للدرجة التي دفعته للتفكير في تحطيم الشهادة لكنه -حمدًا للرب- لم يفعل.

على كل حال هذا لم يلفت نظري؛ أعني وعيه الجميل بهذه الإشكالية وخطورة الموقف المتمثل في كونه كاتبًا شابًا نال جائزة تبرهن أنه على الطريق الصحيح ليكتب اسمه بحروف من ذهب. لكن ما لفت نظري أنه لم يصب بالغرور مطلقًا، أو ربما شعر به وآثر ألا يصارحني، في الحالتين هذا لا يمحو حقيقة أن العديد من المواهب في كافة مساقات الحياة تضل الطريق لعدة أسباب، مثل غياب البوصلة الأخلاقية أو الافتقار للنفس الطويل كما نقول في السودان، سببٌ آخر وهو في نظري أكبر آفة للمواهب؛ الغرور.

حذر الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو الكتاب الشباب من أن يأخذوا أنفسهم على محمل الجد

من خلال لقاء تلفزيوني قبل عدة سنوات، لم يتردد الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو في  صفع الكتاب الشباب صفعة تأديبية عندما طُلب منه أن يقدم لهم بعض النصائح. كانت كلمات الإيطالي واضحة ومباشرة كطريقته في الكتابة بالظبط، نوه من خلالها ألا يأخذ الكاتب الشاب نفسه على محمل الجد وألا يصاب بالغرور. كما أنه حذر من وهم الوحي (The Inspiration) الذي يحاصر معظم الكتاب، حيث يرى أنه يمكن تقسيم أي عملية إنتاج إلى (10)% و(90)% للإلهام والعرق (الجهد) على التوالي.

إذًا، تحمل نصيحة إيكو قدرًا لا بأس به من التواضع وتقليل سيطرة (الأنا) التي تحكم معظم الكُتاب الشباب أو أصحاب الخبرات، لكن هل الأمر يستحق هذا القدر من إنكار الذات؟

يقول المغني والملحن البريطاني جون لينون: "إذا كان الغرور هو الإيمان بما أفعله وبالفن الذي يخصني وموسيقاي، إذًا ومن هذا المنطلق يمكنكم أن تقولوا عني أنني مغرور".

https://t.me/ultrasudan

كانت وقع كلمات إيكو عليّ كالمطرقة وتحول رأي لينون إلى سندان؛ فطُحنت بين الاثنين وأغمى عليّ فلم أفق إلا بعد أن لمسني خيطٌ رقيق وهو نفسه الخيط الذي يفرق ما بين الغرور والإيمان بالذات. بتحويل الأمر إلى عملية فيزيائية يمكننا الحصول على معادلة بسيطة تحقق التوازن المطلوب بالنسبة للكاتب الذي يريد قطف كل ثمار ملكَته، إذا ما حاز الكاتب على بعض من التواضع وبعض من الإيمان بالذات وقتها يمكنه الوقوف بثبات. 

عالج المفكر الأمريكي حمزة يوسف مسألة الغرور والتواضع بطريقة أخرى حينما قال: "الضعفاء يُهيمن عليهم غرورهم، الحكماء يسيطرون على غرورهم وهنالك الأذكياء؛ أولئك الذين في معاناة دائمة مع غرورهم".

لكن ما جعلني أتوقف عند كلمات حمزة هي تفضيله للمعاناة مع الغرور على حساب الحكماء الذين يسيطرون عليه، وقتها تذكرت اقتباس فريدريك نيتشه الذي أدخلني في حيرة ثم فتح من أجلي بابًا واضحًا من بعدها.

نيتشه: أعرف قدري؛ ذات يوم سيقترن اسمي بذكرى شيء هائل رهيب

كتب نيتشه في كتابه (هذا هو الإنسان): "أعرف قدري؛ ذات يوم سيقترن اسمي بذكرى شيء هائل رهيب". لم تكن المشكلة التي واجهتني كبيرة، ببساطة كنت في حيرة إذ كان يقصد قدري بدالٍ مفتوحة أم عليها سكون بمعنى "أعرف قيمتي"، فكتبت الاقتباس بالانجليزية واتضح أنه كان يقصد "القدَر"، ورأيت حينها أنه شخص مغرور وهي صفة أحبها على العموم عندما يكون صاحبها يجود عمله، لكن وبعد سطرين من النفس الاقتباس واصل فريدريك حديثه قائلًا: "أشد ما يخيفني هو أن يكرّسني الناس ذات يوم كقداسة...لا أريد أن أكون قديسًا، بل أفضّل أن أكون مهرجًا". بهذه المفارقة الواضحة بين شخص بدا لي مغرورًا في البداية إلى شخصٍ لا يريد أن يكون أيقونة مطلقًا ويفضل أن يكون (مهرجًا)، أعتقد أن نيتشه قد وصل إلى التواضع بدون أن يريد ذلك، حيث يقول بنفسه أن المتواضع هو شخصٌ يريد أن يمجده الناس. ربما كان في صراع دائم مع مسألة الذات العليا والغرور، وهو ذكي بحسب كلمات حمزة يوسف الذي يراهن على الصراع الدائم مع الغرور.

يؤمن الطيب صالح، عبقري الرواية العربية الخالد في ذاكرتنا، أن مشروعه الأكبر ودافعه الأعظم هو الحياة بذاتها وليس الكتابة كما يظن البعض، وبنفس المذهب يؤمن صديقي الكاتب -الذي ذكرته في بداية المقال- أن الكتابة تنبع من قلب التجربة، أي من قلب الحياة نفسها. لكن الكتاب الشباب ما عادوا يفهمون هذا الأمر كما يجب، الكتابة ليست فعل فردي ينبع من العدم، عليهم أن يصلوا لهذه الحقيقة؛ أن الكتابة في أكثر معانيها وضوحًا ليست سوى المشاركة: عليك أن تكون مندفعًا، أن تحب نفسك بالطبع، هذا أمر صحيّ، لكن إذا ما قررت المضي دون أن يكون لك هدف يحمل مضمونًا أصيلًا يحقق غايتك الأدبية، فحينها ستكون مثل "هاميستر" يركض داخل قفصه، وحينما تصل إلى معادلتك الخاصة استمع إلى كلمات هشام الجخ:

الآنَ اُكْتُبْ ما تَشاءْ

كُنْ شاعِرًا.. كُنْ كاتِبًا

كُنْ ماجِنًا.. كُنْ ما تَشاءْ

الآنَ أنتَ مُهَيَّأٌ كيْ تصعدَ الزّفْرَاتُ منكَ إلى السّماءْ

الكلمات المفتاحية

الهلال السوداني.jpg

"الكاف" يرفض إقامة مباريات الهلال السوداني والأهلي المصري في ليبيا 

رفض الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "الكاف"، طلب نادي الهلال السوداني باعتماد ملعب "شهداء بنينا" في بنغازي لاستضافة مباراة الرد ضد الأهلي المصري، في إياب دوري مجموعة أبطال أفريقيا مطلع نيسان/أبريل 2025.


Sudanese Ramadan.jpg

تقاليد رمضان السودانية.. كيف تصمد في دول المهجر؟

تقاليد رمضان السودانية جزء أصيل من الهوية السودانية، ولا يمكن تصور أن يمر الرمضان على السوداني دون أن يشم رائحة الآبري أو يحضر الرقاق لتناول سحور مميز


إفطار رمضان في شرق النيل.jpg

"اليقين" زاد السودانيين في الشهر الفضيل

النساء السودانيات عميقات التدين بطبعهن، وكأنهن يرضعن تلك الميزة أمًا عن جدة، محافظات على صلاوتهن وأورادهن وكثيرات الصوم تطوعًا وفي أيام المناسك المتعددة. وأكاد أجزم إن في كل أسرة سودانية تكون المرأة "الأم – الأخت" هي المحفز الأول للصغار على تعلم الصوم، والصبر على الجوع والعطش، لاسيما في أجواء السودان الساخنة.


albalila-Sudan-Ramadan.png

البليلة.. مكون أساسي في مائدة رمضان السودانية

تُعدّ البليلة أحد أهم المكونات على مائدة الإفطار الرمضاني في السودان، وتُقدَّم ساخنة مكللة بقطع التمر التي يكسر بها الصائم ساعات الصيام الطويلة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert